بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذو العرش المجيد و ذو الرّكن الشّديد الفعّال لما يريد القائل في الحديث القدسي : ” يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا…” ، والصلاة والسلام على رسول الله القائل :
” اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام ، يقول الله : وعزتي وجلالي لأنصرنّك ولو بعد حين ” وبعد
ها نحن اليوم في الذكرى الثالثة عشر لأحداث 16 ماي 2003 و لا زالت الحقيقة مُغيّبة ، ولا زالت الدولة لم تفتح أيّ تحقيق مستقل وشفّاف لتكشف للرأي العام عن المدبّر الحقيقي الذي كان وراء تلك التفجيرات .
وبهذا الصّدد دعونا في اللجنة المشتركة للدّفاع عن المعتقلين الإسلاميين نميط اللّثام عن بعض المعطيات التي يتمّ التغاضي عنها ، ودعونا نشارككم بعض الحقائق التي تجعلنا نشكّك في الأحداث وفي المستفيد الحقيقي منها.
فقد جاء في وثيقة لوزارة الدفاع الفرنسية ترجع إلى شهر يونيو 2003 تعليقا على ما نشرته أسبوعية ”لوجورنال” في عددها لأكتوبر 2006 والتي ذكرت فيه تصريحا لكاتب الدولة في الداخلية سابقا فؤاد عالي الهمّة عقب الأحداث يقول فيه : ” أيُّ تصفية للإسلاميين ستتمّ بصمت و بمختلف الوسائل الممكنة ” . ووصفت الوثيقة أن المواقف المُعبّر عنها من قبل ” الهمّة ” بعد أحداث 16 ماي 2003 تعتمد عناصر لا تختلف عن الخطاب الاستئصالي .
وقد أجاب رئيس المجلس العلمي لوجدة مصطفى بنحمزة السّفير الأمريكي الذي سأله عن الأحداث قائلا له : أنا أعرف تحديدا المسؤولين عن أحداث 16 ماي 2003 بالدار البيضاء ، إنهم أولئك الذين أغلقوا القرويين » .
كذلك أدلى البرلماني سعيد شعّو في وقت سابق بتصريح مفاده : ” أنّ رفيقا له على علاقة بدوائر النّفوذ سمع كلاما عن حدث ضخم سيُمكّنهم من سحق الإسلاميين “ ، هذه التّصريحات ستكلّف شعّو ومصطفى حيران الصحافي الذي حاوره الدخول في دوّامة من المطاردات والمضايقات لم تنته فصولها حتى بعد مغادرتهما للمغرب .
كما تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم تبنّي هذه التفجيرات لحد الآن من أيّ جهة كانت .
أيضا لا ننسى أن نطلعكم على تصريح للمعتقل الإسلامي محمّد العمري أصدره في ذكراها التاسعة من داخل زنزانته الانفرادية قال فيه : ” إذا كنت أنا هو المتهم الرئيسي كما يحلو للبعض أن يسميني لم أفهم شيئا في هذه الأحداث و لا زال عندي ريب فيمن كان وراءها ، و أعتبر نفسي من ضحاياها فما بالك بألفي شخص حشروا في نفس القضية “ .
كما لا يفوتنا أن نذكر تصريح إدريس البصري وزير الداخلية السابق لقناة الجزيرة الذي قال فيه : “ لا علاقة للإسلاميين بأحداث 16 ماي 2003 الذين اعتقل وعذّب منهم الآلاف على خلفية هذا الحادث الذي هو بأيادي مغربية مغربية ، مشيرا بأصابع الاتّهام لأجهزة بعينها اتّهمها بالضّلوع في الأحداث ، وطالب بالكشف عن الأيادي الخفية التي كانت وراءها “ .
ونحن في اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين نقول بأن هذه الأحداث اتُّخذت مطيّة منْ قبل التيار الاستئصالي في الدولة لإعلان حرب شعواء لا هوادة فيها على كل ما هو إسلامي ومحاولة اقتلاعه من جذوره حيث أغلقت دور القرآن و قُمعت الحركات الإسلامية بمختلف توجّهاتها آنذاك .
في حين نالت فئة أخرى من الشعب المغربي حصّة الأسد من هذه الحملة المسعورة حيث تمّ استهدافهم بطريقة وحشية وتعرّضوا لعمليات سحق رهيبة ، وذلك بتمرير قانون الإرهاب الجائر الذي بموجبه تمّ إطلاق العنان للقبضة الأمنية لتختطف وتعتقل خارج إطار القانون وتعذّب آلاف من الشباب وتفبرك لهم ملفات جاهزة ومطبوخة وموقعة تحت الإكراه والتعذيب والذين لا ذنب لهم سوى أنّهم أرادوا لشريعة الله أن تسود و تحكم ، ومنهم من هبّ ذات يوم لنصرة المستضعفين من أمّته في مشارق الأرض ومغاربها ، بل إنّ منهم من ليس له لا في العير ولا في النّفير وإنما فقط ساقته الحملة في طريقها التي كانت كحاطب بليل .
وقد استعانت الأجهزة الأمنية في حملتها هاته بترسانة إعلامية مأجورة عملت على تشويه سمعة هؤلاء الشباب وتصويرهم للرأي العام كمجرمين ، و فزّاعة الإرهاب محمولة في وجه كلّ صوت حر يطالب بالإنصاف .
إن تفجيرات 16 ماي 2003 هي محطة موجعة ومؤلمة لجميع المغاربة ، خاصة المعتقلين الإسلاميين الذين ضاعت زهرة شبابهم وراء القضبان ، وأبنائهم الذين كبروا أيتام ، وزوجاتهم اللواتي ترمّلن لسنين طوال ، و أمّهاتهم و أبائهم الذين سبّب لهم الحزن على فراق فلذات أكبادهم أمراضا مزمنة عديدة أوْدت بحياة العديد منهم وفارقوا هذه الدنيا دون أن يحظوا بوداع أخير مع أبنائهم . ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم .
ومما يؤكد الانتهاكات التي عرفها ملف المعتقلين الإسلاميين جواب ملك البلاد لجريدة الباييس الإسبانية التي سألته عن ردة فعل الدولة بعد أحداث 16 ماي 2003 والذي جاء فيه بالحرف : الآن وبعد مرور الوقت على تلك الأحداث ينبغي أن نفهم ، أن التقييم كان مبالغا فيه شيئا ما ، ليس هناك شك بأن تجاوزات قد وقعت. وقد سجلت منظمات غير حكومية وكذا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أيضا هذه التجاوزات .
وعليه فإننا في اللّجنة المشتركة نطالب بالكشف عن المدبّر الحقيقي لأحداث 16 ماي 2003 و نطالب حكومة العدالة والتنمية بالوفاء بالتزاماتها و فتح تحقيق في الموضوع كما كان رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران يطالب حينما كان في المعارضة ، كما نطالب بإنهاء معاناة المعتقلين الإسلاميين و عائلاتهم وذلك بإطلاق سراحهم وردّ الاعتبار لهم و محاسبة الجلاّدين الذين عذّبوهم .
كما نؤكّد أنّنا إذ نحتج على هذه الحكومة فإنه لا مصلحة سياسية لنا من وراء ذلك إطلاقا ، وإنّما لأنها حقيقة خذلت ملف المعتقلين الإسلاميين ولأنها حقا أخلفت كل وعودها التي قدمتها سابقا وتنصّلت من كل مسؤولياتها تجاه قضيتنا لدرجة تهرّبها من أسئلة وُجّهت لها داخل البرلمان بخصوص ملفنا ، و نحن طلاّب حقّ وما ضاع حقّ وراءه مطالب . والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .
و به وجب الإعلام والسلام
المكتب التنفيذي للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
16– 05 – 2016