بيان المعتقلين الإسلاميين بالسجون المغربية على هامش ذكرى 16 ماي الثالثة عشر


بسم الله الرحمن الرحيم

توصّلت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين ببيان من المعتقلين الإسلاميين القابعين بالسجون المغربية بمناسبة مرور 13 سنة على أحداث 16 ماي 2003 والتي على إثرها تمّ الزجّ بهم في السجون ظلما وعدوانا وهذا نصّ البيان :

على هامش ذكرى 16 ماي 2003

أطفأت ذكرى 16 ماي شمعتها الثالثة عشرة و عاودت إطلالتها وسط نفس اﻷجواء التي تحل فيها كل عام ؛ حيث تجد النقاش حولها حادا و محتدما و الناس منقسمون إزاءها و علامات الاستفهام تلفّها من كل جانب و أسئلة التّشكيك الحارقة تحفّها ، و تهوي كمطارق على رؤوس العاجزين عن إسعاف الرأي العام بأجوبة مقنعة و شافية ، تحل طلاسمها و تجلي غوامضها و تكشف عن الفاعل الرئيس الذي صنعها و وقف وراءها.

 و إذا اختلف الناس حول مهندسها و غاياته التي حركته للإقدام ، فإنهم لا يتنازعون قيد أنملة على أن الحادثة استغلت أبشع استغلال و وظفت أخسّ توظيف و استثمرت أحقر استثمار ؛ و حتى لو علم الجاني و عرف المخطط و وصلت الخيوط إلى حقيقة المنفّذ ، فإن تصريفها المغرض قد موقع القائمين على الشأن في هذا البلد في خانات كبار المتاجرين في مآسي المستضعفين و المضاربين في أسواق نخاسة الارتقاء على حساب دمار اﻷسر و تشتيت البيوت ؛ إنّه بحلول كل 16 ماي تطفو على السطح معالم الجريمة النكراء التي لا زالت حلقات مسلسلها اﻷثيمة تتواصل ، دون أن يستيقظ للقوم ضمير او يفيقهم من وهدتهم وخز ندم ؛ بل و بقدر غطيط الظالم الذي استمرأ فعلته و استساغ بطشته لا زالت المئات مقبرة في الدهاليز دون جرم جنته أو ذنب اجترحته ؛ تواصل رحلتها القسرية و قد طوت صفحات سفر عقد و توغلت في الثاني و هي تحصي ضحاياها و تعد المثخنين ظلما المتساقطين على جنبات مشوارها .

 إن خطاب التظلّم و التشّكي سئمنا من صفّ حروفه و ترتيب كلماته بعد أن أيقنّا جازمين أن اﻷبواب دونه موصدة و الأذان مغلقة و القلوب مختومة بالشمع اﻷحمر ؛ و قصارى فعل الفاعلين توظيف انتخابي موسمي للمزايدة و اﻹحراج و تسجيل النقاط على الخصوم و كأن هذه اﻷحزاب المتشاكسة لا تستبين مظلوميتنا إلا في ضحى العراك على المقاعد و عندما تأفل شمس التطاحن تتبدى لها شيطنتنا في أجلى الصور و أوضحها ؛ و لذا نقول لكل متسوق لنا لترويج بضائعه و إرباء تجارته إن المراهنة المغشوشة على فظائع المغلوبين على أمرهم مصيرها البوار و الخسار حتى و لو جلبت ربحا مؤقتا ؛ و دونكم الحزب الحاكم و رئيسه و قائد قاطرة التدبير الذي كان ينسب 16 ماي للتماسيح و العفاريت و لما اعتلى و تقدّم طابورهم و انتظم في جوقتهم و لحس بشؤم حاضره مقالة ماضيه ؛ فدونك مظالم تنهدّ لها الجبال فخذ أو دع أيها المزايد  !!!

لقد استرعى انتباهنا إقرار أعلى جهة رسمية – خطاب الملك في القمة الجليجية المغربية – بأن فزاعة اﻹرهاب ذريعة لقوى الاستكبار لتفتيت الدول و تقسيم الكيانات و إعادة رسم الخرائط و لعل سعيهم الحثيث لفصل الصحراء المغربية عن الوطن اﻷم داخل في المخطط القذر ؛ لكن الذي يؤسف له أن المغرب منخرط معهم في المنظومة و عضو فاعل في المؤامرة ، شاء أم أبى و لاعب رئيس في المقاربة  و لا زال مصرا على الانضواء في هذه الحملة الظالمة الغاشمة ؛ و عوض أن يتبادر ما فات و يصلح ما مضى و يتصالح مع أبنائه و يقوي جبهته الداخلية يلح إلحاحا غريبا على تكرار سابق أخطائه و اجترار سالف زلاته .

 و لنا أن نتساءل : ألم يئن أوان طيّ هذا الملف الذي يعد وصمة عار على جبين من يزعمون أنهم طلقوا ماضيهم الدموي ؟ ألم يحن حين ردّ الاعتبار لشريحة تُوجر بها ما يفوق العقد و سلط عليها من الظلم و القهر ما الله به عليم ؟ فأمريكا التي أحصت قتلاها باﻵلاف لم تجترح عُشر معشار ما فعله القوم و حتى تركة غوانتانامو تضع آخر اللمسات لنسفها و تدميرها نهائيا ؛ و إسبانيا التي لملمت أشلاء مائتي جثة من قطارات مدريد لم تجرؤ على ركوب خط المغرب الذي أباح لنفسه استباحة أبنائه دون تفكير في عواقب أو تدبر في مآلات ؛ ألكي يمنح المغرب صفة الشريك المتقدم للاتّحاد اﻷوروبّي يقبر خيرة شبابه في المعتقلات و يشرد عائلاتهم ؟ ألكي يسترجع ترابه الذي يثبت له بالتاريخ و الجغرافيا يقدمهم كقرابين لمذبح اﻷمم المتحدة و هيكل مجلس اﻷمن ؟ و المصيبة الدهياء أنه يكافأ بالصفع على القفا و الميل نحو خصومه و اابتزاز المقيت و اﻹملاءات المذلة .

و في اﻷخير نهمس للمنابر الحرة و اﻷقلام النظيفة و النخب الخيّرة و الهيئات النزيهة و نقول : هل قضيتنا لا تستحق منكم التفاتة ؟ و هل ملفنا الذي علم فبركته القاصي قبل الداني لا يملي عليكم اصطفافا ؟ لماذا نرى الضجيج و الجلبة و الصراخ لتوافه سمجة و لا نرى منكم حركة و لا نسمع منكم همهمة إزاء زهرات أقبرت و أعشاش مزقت و أطفال يتموا و نساء رمّلن ؟ عار على من يزعم أنه يناصر القيم و المبادئ أن يؤدلج نضاله و يحزّب حراكه و لا يؤازر إلا من تناغم مع فكره و توجهه و مذهبه و إلى اﻷحزاب التي إذا قارعت لمقعد تبنتنا و إذا خرجت غانمة لفظتنا ؛ و إذا عارضت بكتنا و إذا حكمت صفعتنا ؛ إنه لمن فواحش السياسات أن تكون مقاربتكم لفجائع المغاربة موسمية مزاجية تقاس بمنطق الربح و الخسارة و تعالج بمعياراﻹبتزاز و المزايدة ؛ إن الذي يزعم تمثيل اﻷمة و النيابة عنها لا يعامل ممثليه كرؤوس قطيع تسمن للذبح و تعلف للنحر ؛ بعتنى بها إذا ريم من ورائها قطف ثمار و تداس إذا قضي منها الوطر ؛ و حي هلا بكل فزعة شريفة و هبة نظيفة إذا كان الدافع لها إيقاف النزيف و رفع المعاناة و إعادة البسمة إلى شفاه اﻷطفال و اﻷمهات .

المعتقلون اﻹسلاميون بكل السجون المغربية

16-05-201

و به وجب الإعلام والسلام

المكتب التنفيذي للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين

16– 05 – 2016

شارك هاذا المقال !

لا توجد تعليقات

أضف تعليق