بسم الله الرحمن الرحيم
توصلت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين برسالة مفتوحة وجهها المعتقل الإسلامي المهدي البصيري إلى الضمائر الحية تعكس واقعا حقوقيا متأزما بسجن تيفلت 2 هذا نصها :
من المعتقل اﻹسلامي المهدي البصيري بتيفلت 2 ، إلى كل الضمائر الحية، و المنابر الحرة، و الفعاليات النزيهة، إلى كل من لم تتلوث صفحته بالتخاذل و التآمر و التواطؤ و قلب المعطف، إلى الحقوقيين الشرفاء، و الجمعويين النزهاء، و كل من لا زالت دفقة الشهامة و النجدة تغمر دواخله و تحرك جوارحه.
من تيفلت 2 أبرق لكم و بتلصص و خوف و حذر و أنا أغافل السجان الذي استباح فينا كل شيء و ولغ في كرامتنا حتى أنسانا آدميتنا و انتماءنا إلى بني البشر، هنا تيفلت 2 حيث تطبق المقاربة الجديدة المستوردة من أمريكا و التي لم تغفل أي جانب سوى ذاك الذي يعد السجين بشرا وجب أن توفر له أدنى حقوق اﻵدميين ، في هذا الصندوق الكبير المطوق من كل جانب و الذي تقطر فيه اﻷنفاس بتقسيط تلغى كل أدبيات حقوق الإنسان و تشطب من على القواميس كل مصطلحات الكرامة و اﻹنسانية، و التي جردت مع ثيابنا يوم قدومنا لهذا المعسكر الرهيب ، هنا اﻹهانة تصب بسخاء على اﻷبدان و النفسيات و ﻷدنى سبب تشبح و تعلق و تجلد حتى اﻹغماء، هنا تعرى صباح مساء و باعتباط و تعسف و كيفما اتفق إمعانا في اﻹذلال و تكريسا للإرعاب و اﻹرهاب ، هنا في تيفلت 2 فرض عليك وضع المومياء المحنطة التي لا تملك الحق في اﻹحتجاج و لا يسمح لها بأن تصرخ مفرغة ألمها فالجبار يونس البوعزيزي و عصابته بالمرصاد لكل زفرة ندت من صاحبها شاكية ، الغذاء رديء و التطبيب ممنوع و الفسحة تحت لفح السياط و لكأنك في معسكرات النازية حذو القدة بالقدة ؛ عندما رحلونا من تيفلت 1 أنا و مجموعة من المعتقلين تعسفا و قسرا و قهرا و نحن نعيش العذابات التي مهما قيل عنها و كتب فيها فلن يفيها حقها في البشاعة و الفظاعة ، روتين يومي مفروض بصرامة و حزم ، تفتيش دوري مهين طابعه الرسمي التعرية مع استفزاز مسترسل لا يقف عند حد الباعث من ورائه التحرش بالسجين لإيقاعه في شرك البوعزيزي الجلاد الشره لكل ما يؤذي و يؤلم ، و لم تسلم حتى عائلاتنا بل نالت نصيبها من سادية القوم و بطشهم و قسوتهم ، فهم بين تحرشات و استفزازات و إحراق للأعصاب يشترك في ذلك اﻷمهات و اﻵباء و اﻷطفال و النساء دون تفريق بين صغيرهم و كبيرهم و سليمهم و عليلهم.
هذا غيض من فيض و قليل من كثير نعيشه يوميا و لا يزيد مع اﻷيام إلا استفحالا و مضيا إلى أبعد الحدود فقد أمن القوم المساءلة و أزاحوا من حساباتهم كل تفكير في عاقبة و لكأنهم أطلقت لهم اﻷيادي بضمانات و مظلات، فاستباحونا و عاثوا فينا كل عيث.
و من هذا القعر الدامس أوجه هذا النداء لكل حر و شريف حتى أضعكم في صورة ما يجري و ما ينضح به هذا الواقع اﻷليم و المفجع و الكارثي، أقول هذا و أنا أعلم تبعات صرختي و عواقب خرجتي و ليس لدي شيئا أخسره فكل شيء صادروه و حتى البدن أثخنوه حتى فقد اﻹحساس و ما عاد يهتم أو يبالي، و هو نداء كذلك لكل المسؤولين للتدخل و على وجه اﻹستعجال لتقويم هذا التشوه الذي يصب في صالح الخصوم فالبلد يكفيها ما فيها و ما عادت تحتمل مزيد حماقات صبيان غير محسوبة تضر أكثر من ما تنفع، فمثل هكذا مشاهد مغذية لكل اتهام و معززة لكل إدانة فتداركوا ما يمكن تداركه.
المهدي البصيري
سجن تيفلت 2
و به وجب الإعلام والسلام
المكتب التنفيذي للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
08-06-2016