تابع غالب المغاربة في الأيام الأخيرة قضية اعتقال عشر نساء وفتيات أغلبهن قاصرات بتهمة الدعشنة والإعداد للقيام بأعمال إرهابية تخريبية بالمملكة؛ والملاحظ والمهتم بهذه القضايا يجد أن هذه القضية بالذات أخدت حيزا كبيرا في الإعلام خصوصا في القنوات الوطنية لدرجة أنهم صوروا المشاهد الأولى من اقتحام منازل المتهمات، والذي تم في الساعات الأولى من الصباح أو قبل الفجر. كما أن أفراد الشرطة قاموا بتصوير كل الأشياء المحتجزة داخل بيت المعتقلات من كتب إسلامية، وهواتف نقالة، ودفاتر، وعلبة بها الحبة السوداء المعروفة بالسانوج، وقارورة صغيرة لا يعلم ما بها، وهذه المحجوزات جعلت العديد يتساءل: لماذا الشرطة اعتبرت هذه الكتب الإسلامية المتداولة في الأسواق والموجودة في غالب البيوت المغربية، ومن بينها كتاب الموطأ المرجع والأساس في المذهب المالكي الذي تتبناه الدولة رسميا، ولذلك فهو يدرس في كل المعاهد والمدارس العتيقة وحتى، كما أنه أحد كتب السنة التي جمعت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فهل صارت الأحاديث النبوية ممنوعة، وخطرا على فكر المغاربة؟! هذا الأمر دفع البعض للتساؤل، أليس من الضروري أن تخضع الأجهزة الأمنية لحصص تكوين شرعية، لمعرفة الكتب المعتمدة رسميا من طرف وزارة الأوقاف، حتى لا يقعوا مرة أخرى في مثل هذا الخطأ الشنيع؟! وهناك من قال ساخرا: هل يجب علي التخلص من كتاب الموطأ قبل أن أتهم بالداعشية؟! ومن بين الأمور التي أثارت انتباهي في ملابسات وظروف الاعتقال، أن الشرطة اقتحمت منازل الفتيات مع الخامسة صباحا لكن عندما أخرجت المعتقلات من بيوتهن كانت الشمس مشرقة والنهار واضحا، والناس متجمهرة تتفرج وتصفق!! وعندما سألت أفراد أسرة بعض المعتقلات عن هذا الأمر أخبروني أنه من الساعة الخامسة والعشرات من عناصر الشرطة BCIJ الملثمين وغير الملثمين الحاملين لأسلحة رشاشة ومسدسات والشرطة العلمية، قد بقوا معهم في البيت والأسرة بأطفالها مرعوبة ومصدومة إلى حدود الساعة التاسعة صباحا، وفي نفس الوقت كان عون السلطة (المقدم) يطرق أبواب بيوت الجيران، ويحشد الناس، ويخبرهم أنه تم القبض على “إرهابية” بحيهم وعليهم أن يخرجوا ليحيوا رجال الأمن، ويعربوا عن غضبهم اتجاه الإرهابية المزعومة، حتى تتمكن كاميراتهم والقنوات المصاحبة لهم من التقاط الصور والفيديوهات وأخذ التصريحات من الجيران التي تناسبهم. ولنا أن نتساءل مرة أخرى: هل كان المقصود من الاعتقال هو التحقيق مع المشتبه بهن ومنعهن من القيام بما اتهمن به؟ أم هو التصوير والتضخيم الإعلامي، خصوصا أن هاته الاعتقالات كانت قبيل يوم التصويت في انتخابات 7 أكتوبر، حيث اتهموا الخلية المزعومة بالتخطيط للتفجير بعمليات انتحارية يوم الانتخابات.. والعجيب أن إحدى الموقوفات كان من المفترض أن يكون زفافها ليلة الخميس-الجمعة (ليلة الانتخابات) يعني أنها ستكمل حفل الزفاف بالليل وفي الصباح تذهب لتنفجر بالموطأ أو أحد الكتب الإسلامية المحجوزة عندها في مكتب للتصويت أو أحد مقرات الأحزاب!!!! إن أفراد أسر الفتيات المعتقلات في حالة نفسية صعبة جدا، ولحد الآن لازالت الصدمة وهول المصيبة تؤثر عليهم والبكاء والحزن والتفكير في مصير بناتهم التي يعلم الله وحده عن حالتهن وهن يمرن بهذه التجربة المرة؛ نسأل الله لهن الفرج لأنه لا يوجد عند أغلبهن ما يستدعي توجيه تلك التهم الثقيلة أو كل هذه الهالة الإعلامية!!! إن هذه الطرق التي تنهجها المصالح الأمنية في مثل هذه القضايا يعطي نتائج سلبية وعكسية، فهي تدعي أنها تحارب الإرهاب، لكن في حقيقة الأمر هي من تمارس الإرهاب بتخويف أسر كاملة بنسائها وأطفالها بتلك الطرق من الاقتحامات بالأسلحة والقوات على اختلاف أشكالها وأجهزتها، زيد عليها الآن تجمهر الساكنة، وهم يعلمون أنهم سيعتقلون قاصرا لا حول لها ولا قوة.
عبد الله الحمزاوي ناشط حقوقي