بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المهيمن الرقيب من توكّل على الله كفاه ومن التجأ إليه فالفرج قريب ، من اعتصم به سبحانه فهو مولاه ، ومن ارتجاه مخلصا لا يخيب، و نشهد أن محمد رسول الله النبي المصطفى والرسول المجتبى الرحمة المهداة صاحب المقام المحمود سيد الأولين والآخرين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وبعد،
فها نحن نقف من جديد أمام مجموعة من المساجد بعدد من المدن ، لكننا اليوم لن نحدّثكم عن 14 سنة من الاعتقال الظالم لمجموعة من الشباب عقب أحداث 16 ماي 2003 ، أحداث لا زلنا لحد الساعة نتساءل عن المدبر الحقيقي الذي كان وراءها ، لن نحدثكم عن ما تعرّض له هؤلاء من سحل وتعذيب وتنكيل وإكراه على التوقيع على محاضر مطبوخة وجاهزة ، لن نحدّثكم عن المحاكمات الصورية التي بموجبها تم إقبار هؤلاء بعشرات السنين في سجون أٌقلّ ما يقال عن أوضاعها أنها غير إنسانية ، لن نحدّثكم عن الذين قتلوا من هؤلاء تحت التعذيب أو الذين قتلوا داخل السجون جراء الإهمال ، لن نحدثكم عن هذا ولا ذاك .
بل سنحدّثكم اليوم عن مأساة جديدة تضاف لمآسي المعتقلين الإسلاميين وأمر خطير جدا تمثّل في إقدام الأجهزة الأمنية على اعتقال خلية كلها نساء معظمهن فتيات قاصرات عمرهن يتراوح ما بين 15 سنة و17 فيما سمّي ب”خلية النساء العشرة ” والتي تم توقيفها بتاريخ 03-10-2016 في سابقة خطيرة من نوعها كون أن الخلية المزعومة كلّها من الفتيات ، وقد أعقب ذلك حملة تشويه ممنهجة ضدهن وإصدار حكم نهائي عليهن واستباق محاكمتهن من طرف وسائل إعلامية غير محايدة وفاعلين محسوبين على الدعوة بناء على الرواية الرسمية التي نشكّك فيها لأنها ظنّية و ليست قطعية على اعتبار أن الأصل في المتّهم البراءة ولا يجب المساس ببراءته المفترضة حتى تثبت إدانته بناء على محاكمة عادلة حسب ما جاء في قانون المسطرة الجنائية .
و الغريب في الأمر أنّه تمّ التحقيق مع هؤلاء الفتيات خاصة القاصرات منهن في غياب أولياء أمورهن حسب ما صرّحت به العائلات و المحامي. مع خروج أحد المسؤولين في أحد المؤتمرات الصحفية ليحدثنا عن ما يجري داخل التحقيق من كلام في ضرب واضح للإجراءات والتدابير العملية التي أحاط بها قانون المسطرة الجنائية قرينة البراءة . بل الصّادم في الأمر هو تعليقه على ما دار من كلام قال ” أنه صادر عن إحدى الفتيات ” و الذي جاء بالحرف : ” أما جهاد النكاح فهما ما عارفينوش احنا لغادي نقولوه ليهم ، باش نخلعوهم باش يعرفوا روسهم علاش غادين بعدا ……. !!! ولا ندري ما الذي يقصده المسؤول بهذا الكلام ؟؟؟ وكيف سيعرّفهم على جهاد النكاح ؟؟؟ هل هو تهديد مبطّن أم ماذا ؟؟؟
و إننا في اللّجنة المشتركة للدّفاع عن المعتقلين الإسلاميين نستنكر استهداف نساء جلهنّ قاصرات بالاعتقال ونرفضه و نعتبره منعرجا خطيرا تم إدخال ملف المعتقلين الإسلاميين إليه، والذي شكّل منذ اختلاقه أرضا خصبة للمزايدات السياسية سواء منها الدولية أو الوطنية على حساب المعتقلين الإسلاميين الذين يتمّ الركوب على قضيتهم و تقديمهم كأكباش فداء من أجل إرضاء أطراف خارجية ، وهذه المرة كان الضحية فتيات سيُدمر مستقبلهن بعد أن شُوّهت سمعتهن جراء هذا الاعتقال ، خاصة أن منهن من تتابع دراستها بل ومتفوقة فيها حتى ، ومنهن من تحضر لزفافها الوشيك ، فكيف تجهض أحلامهن بهذه البشاعة وهن فتيات صغيرات في عمر الزهور مقبلات على الحياة بكلّ إيجابية ؟؟؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وختاما فإننا نقول أنّه في الوقت الذي كنّا ننتظر فيه أن يتم إيجاد حلّ منصف وعاجل لملف المعتقلين الإسلاميين إذا بنا نفاجأ باعتقال هؤلاء الفتيات القاصرات ممّا سيجعل هذا الملف الذي عمّر لأزيد من عقد من الزمن أكثر تعقيدا و عصيّا على الحل .
و عليه فإننا ندعو العقلاء في هذا البلد وأصحاب الضمائر الحية إلى التكاثف من أجل إطلاق سراح هؤلاء النسوة ، والانتقال قدما وبشكل فعال وجدّي من أجل إنهاء محنة المعتقلين الإسلاميين الذين لا زالوا يئنّون تحت وطأة الأغلال هم وعائلاتهم منذ 14 سنة .
و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
و به تم الإعلام والسلام.
المكتب التنفيذي
للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
14-10-2016