“محمد حقيقي” في تصريح حصري للقناة حول معتقلي السلفية:”نحتاج لتدبير هذا الملف إلى قرار سياسي صادر من أعلى سلطة في البلاد”


جديد تيفي – عبد الفتاح الحيداوي

في هذا التصريح الحصري لقناة “جديد تيفي” حول ملف “معتقلي السلفية”، تطرق الدكتور “محمد حقيقي”، إلى مجموعة من النقاط الهامة ذات الصلة بالملف، معتبرا أن “اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين”، هي الممثل الشرعي لهذه الفئة.

وانطلق “حقيقي” في أجوبته من خلال أسئلة القناة، المتمثلة أساسا في سؤالين محوريين:أستاذي بحكم تجربتك السجنية و تجربتك الحقوقية .. كيف ترى خطوات النضال في ملف معتقلي السلفية ؟ و هل تستشرف حلا قريبا لهذا الملف ؟

للإشارة فالتصريح/الحوار، جاء بمناسبة “اليوم العالمي لحقوق الإنسان”، الذي يصادف الـ11 دجنبر من كل سنة.

وهذا نص تصريح الدكتور “محمد حقيقي”، المدير التنفيذي لـ”الرابطة العالمية للحقوق والحريات” وممثلها بالمغرب، و المستشار الحقوقي لـ”اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين اﻹسلاميين”.

ظهرت قضية ما يسمى بمعتقلي السلفية الجهادية في أعقاب اﻷحداث اﻹرهابية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء سنة 2003 وبعد تمرير قانون مكافحة اﻹرهاب. علما أن اﻹعتقاﻻت انطلقت منذ سنة 2002. ويمكن أن نسجل مجموعة من الملاحظات في هذا الصدد تتمثل في:

– أغلبية المعتقلين في هذا الملف ﻻ علاقة لهم باﻷحداث اﻹرهابية ، ويمكن إدراجهم ضمن معتقلي الرأي والعقيدة

-جرت اﻹعتقاﻻت و تمت اﻹدانات بمقتضى قانون مكافحة اﻹرهاب الذي تعوزه الضمانات القانونية ﻹحترام حقوق اﻹنسان، وقد كان موضوع انتقاد و ﻻيزال من طرف أغلبية الطيف الحقوقي بالمغرب

– تعرض جل المعتقلين ﻹنتهاكات جسيمة لحقوق اﻹنسان من قبيل اﻹختطاف والتعذيب في المركز السري لتمارة والقتل تحت التعذيب وغياب شروط المحاكمة العادلة ،واستمرار التعذيب حتى بعد إصدار اﻷحكام القاسية في حقهم مع إبعادهم عن سكنى عائلاتهم، الشيء الذي اضطرهم في الكثير من اﻷحيان إلى خوض إضرابات مفتوحة عن الطعام توفي جراءها بعض المضربين. – صدر لفائدة بعضهم توصية أممية من الفريق المكلف بمناهضة التعذيب أو اﻹعتقال التعسفي تقضي بإطلاق سراح المعنيين وتعويضهم تعويضا كافيا ، لكن دون تفاعل يذكر من طرف الجهات الرسمية بالمغرب

من جهة أخرى انخرط معتقلو السلفية الجهادية في مقاربات للمصالحة كما انعقد اتفاق بتاريخ 25 مارس 2011 جمعهم بجهات رسمية يقضي بإطلاق سراح المعتقلين في هذا الملف على دفعات ، و تطبيقا لهذا اﻹتفاق أطلق فعلا سراح 196 معتقلا بتاريخ 14 أبريل 2011 ، غير أنه سرعان ما وقع انقلاب على اﻹتفاق و أدين أغلب معتقلي سجن سلا1 بأحكام وصلت إلى السنتين مضافة إلى مدة العقوبة السابقة

ويجوز الحديث عن نوعين من معتقلي السلفية الجهادية ، المعتقلون إثر اﻷحداث اﻹرهابية لسنة 2003 ، و المعتقلون المؤيدون لما يسمى ب”تنظيم الدولة” إضافة إلى العائدين من بؤر التوثر. وفي تقديري لو تم التعاطي بجدية من طرف الجهات المسؤولة مع الفئة اﻷولى من المعتقلين المذكورين على أساس اﻹنصاف والمصالحة وانسجاما مع قواعد جبر الضرر واﻹدماج اﻹجتماعي في إطار العدالة اﻹنتقالية ، لما استمرت الظاهرة بايقاع جديد أنتج لنا الصنف الثاني من المعتقلين العائدين، وهذا ما يؤكد أن المقاربة اﻷمنية وحدها ﻻ تكفي للمعالجة بعد أن تبث إخفاقها.

نحتاج لتدبير هذا الملف إلى قرار سياسي صادر من أعلى سلطة في البلاد ، فلا الحكومة وﻻ المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق اﻹنسان تملك القرار، إننا بهذه اﻹستقالة نساهم فقط في إطالة عمر اﻹحتقان والتهديد ، ونعرض اجتماعنا السياسي وتعايشنا السلمي للهشاشة، طالما نواجه اليومي بمقاربة أمنية ،كما نعرض حقوق شريحة من المواطنين إلى مزيد من التعسف واﻹنتهاك.

في حين أن المطلوب يتمثل في مواجهة اﻷسئلة الكبرى حول الظاهرة و من تم اﻹتجاه رأسا إلى تفعيل مقاربة شاملة قادرة على إدماج واحتضان المعتقلين وإنصافهم ورد اﻹعتبار لهم وتعزيز الثقة ما بينهم وبين مؤسسات الدولة – وأعني معتقلي الرأي والعقيدة- بنفس التدبير الذي اعتمد في التعامل مع ضحايا اﻹنتهاكات الجسيمة لحقوق اﻹنسان خلال ما سمي بسنوات الرصاص

إننا نحتاج إلى قرار ملكي يهدف إلى طي الصفحة و الشروع في مرحلة جديدة يجتمع فيها كل المغاربة لمواجة تحديات الحقوق اﻹقتصادية واﻹجتماعية ورهانات التنمية اﻹقتصادية واﻹجتماعية والبشرية .

كما أصبح المعتقلون في إطار ما يسمى بقضايا اﻹرهاب يمثلون شريحة واسعة داخل السجون تستقطب اهتمام المراقبين والمهتمين وتمثل ضغطا على النظام السجني ذو البعد اﻷمني ، كما انتظم المعتقلون السابقون من هذه الفئة في إطار “اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين اﻹسلا ميين” التي تعتبر الممثل الوحيد والشرعي للمعتقلين اﻹسلاميين ، و منذ إنشاءها وهي تنظم أنشطة وتمارس احتجاجات سلمية من وقفات اسبوعية في مجموعة من المدن المغربية

و على ضوء ذلك نلاحظ أن مجموعة من الشروط منعقدة لفائدة المصالحة بشأن هذا الملف بالمغرب ، ابتداء من مواقف المعتقلين اﻹسلاميين من التطرف واﻹرهاب والمجتمع إضافة إلى الانتهاكات الجسيمة لحقوق اﻹنسان التي طالتهم ، وتوصيات اﻷمم المتحدة، اﻷمر الذي يستوجب إطﻻق سراحهم وجبر أضرارهم ، كما أن هناك اتفاق 25 مارس 2011 الذي ما زال ينتظر تفعيل باقي مقتضياته.

إلى جانب هذه المعطيات يوجد إطار يمثل المعتقلين اﻹسلاميين(معتقلي السلفية الجهادية) هو اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين اﻹسﻻميين.

وألفت اﻹنتباه إلى معتقلين آخرين اعتقلوا في قضايا ارهابية مثل مجموعة بليرج التي صدرت في حق بعضها توصية أممية اعتبرت اعتقالهم تعسفيا.

ناهيك عن حاﻻت تعرضت للتعذيب داخل السجن إلى حد اﻹصابة بفقدان التوازن النفسي والعقلي مثل حالة عبد الرحيم أبو الرخا الذي أوصت اللجنة اﻷممية المعنية بمناهضة التعذيب باتخاذ تدابير لفائدته ، ورغم ذلك ما يزال أبو الرخا يعاني في صمت داخل السجن .

دون أن ننسى كذلك مجموعات قديمة يعود اعتقالها إلى سنة 1994 كمجموعة أطلس أسني و المجموعة العسكرية.

كل ما سبق ذكره يجعل من تسوية ملف المعتقلين اﻹسﻻميين في قضايا اﻹرهاب ضرورة وطنية ملحة ﻹعادة المصداقية للعمل الحقوقي الرسمي بالمغرب انسجاما مع توصيات هيئة اﻹنصاف والمصالحة ، في أفق خلق مناخ من اﻹنفراج السياسي والمصالحة الوطنية

المصدر : جديد تي في

شارك هاذا المقال !

لا توجد تعليقات

أضف تعليق