في سابقة إعلامية كما ذكرت الجريدة الإلكترونية “ميديا 24” في مقال لها معنون بـ(حصري هكذا تطرفت 10 مغربيات وخططن لعمليات إرهابية) والمنشور بتاريخ الأربعاء 18 يناير 2017، قال معد المقال “هذه هي المرة الأولى من نوعها في تاريخ المخابرات المغربية التي يوافق فيها مسؤول كبير على تقديم توضيحات حول الأبحاث التي أدت إلى اعتقال مجموعة متطرفة نسائية”!!
هكذا يوضح لنا كاتب هذا الخبر ويصرح كيف أن جريدته الإلكترونية هذه استطاعت أن تخرق القانون هي وهذا المصدر المأذون الرفيع المستوى داخل المكتب المركزي للأبحاث القضائية المعروف اختصارا بـ”بسيج” كما وصفه محاوره.
فكيف يتجرأ هذا المسؤول الكبير على إخراج معلومات وأسرار عن التحقيق في قضية لم يقدم القضاء فيها كلمته الأخيرة، بل والقضية لازالت عند قاضي التحقيق يحقق في تفاصيلها وفي التهم الموجهة للمعتقلات؟ والأدهى والأمر أن أولياء أمور القاصرات المعتقلات في هذه القضية وهم المعنيون بالأمر لا يعلمون تفاصيل التهم الموجهة لبناتهم، لأنه ببساطة لم تحترم الضابطة القضائية مسطرة الأحداث، وتستمع للقاصرات أثناء التحقيق رفقة أولياء أمورهن، كما ينص على ذلك قانون محاكمة القاصرين، حيث تم المناداة على أولياء أمورهن إلى مقر البسيج ووقعوا على المحاضر الجاهزة دون الاطلاع على ما فيها، بل اتبعوا مع أوليائهن طرق الاحتيال والضغط، فقد صرح لي أب إحدى القاصرات أنهم اتصلوا به وطلبوا منه الحضور لأخذ ابنته، وعند وصوله طلبوا منه التوقيع على عدة أوراق ليتسلم ابنته والهاتف المحجوز معها، لكن عند انتهائه من التوقيع اكتشف أنها فقط حيلة حتى يوقع على المحاضر دون الاطلاع على ما فيها، ولم يتسلم لا ابنته ولا الهاتف!!
ومن الأولياء من أرغم على التوقيع وهو لا يعرف حتى القراءة، وعندما سألته لماذا وقعت على المحاضر وأنت لا تعرف ما بها؟ قال: “لقد كان رجال السلطة كثرا، كل واحد فيهم يأمرني بعد الآخر بالتوقيع، حتى خفت أن يقتلوني”، ومن شدة رعبه قال وهو يصدق ما يقول: “وبالفعل يقدرون على قتلي”!!
وتفاصيل التحقيق التي صرح بها محاور هذه الجريدة الإلكترونية الذي رغب في عدم الكشف عن هويته لأسباب واضحة مرتبطة بنشاطه المحاط بالسرية كما زعموا، في حين لم يراع سرية التحقيق وعدم التأثير على القضاء والرأي العام، فقد أعلن عن التهم التي وجهتها أجهزته للمعتقلات اللواتي نعتهن بأنهن كن متطرفات إسلاميات، وأنهن توصلن بتمويلات خارجية عن طريق إحدى عناصر الخلية التي تلقتها بعلم من زوجها المعتقل، والذي كان على علم بالمخطط الإرهابي لزوجته، كما أن إحدى الموقوفات من مدينة زاكورة بعد تواصلها مع بعض القادة العسكريين للدولة الإسلامية، توصلت بدليل ومواد لتصنيع عبوة ناسفة أولية، هذه القاصرة كانت قاب قوسين من تنفيذ عملية إرهابية في مكتب التصويت بمدينتها (يوم 7 أكتوبر الماضي)..
كما أدى البحث أيضا إلى اكتشاف مكونات لصنع حزام ناسف كانت إحداهن تنوي تفجيره يوم الانتخابات أيضا، ومنهن من تعاقدت على زواج افتراضي على الفيسبوك مع أحد المقاتلين من داعش من غرفتها ودون علم والديها، وقد دعاها زوجها إلى إعداد جواز سفر للانضمام له، كما أن إحدى القاصرات وهي تلميذة تلقت مباركة من أجل قطع رأس تلميذين في مدرستها لأنهما كان يكيلان الانتقاد والسب لداعش، وغيرها من التهم؛ إلى أن تم لقاؤهن في أحد المنازل بعد تقاسمهن نفس القناعات الإيديولوجية.
وبما أن التحقيقات لم تعد سرية، ولن تؤثر على مسار القضية التي لايزال التحقيق جاريا فيها، ولم يقدم القضاء حكما فيها، وبما أني أحد أعضاء اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين والمكلف بالتواصل مع عائلات المعتقلات في هذه القضية، سألت الزوج المعتقل (زوج إحدى الموقوفات) بعدما اتصل بي بهاتف السجن، والذي اتهمه هذا المسؤول الأمني بعلمه بالأموال التي كانت تصل زوجته من الخارج، وأنه كان يعلم بالمخطط الإرهابي لها، فأجاب بكل حسرة: “زوجتي لا تجد ما تؤدي به واجب الكراء، ولا ما تصرف به على نفسها، فكان أحد من المحسنين ببريطانيا يرسل لها بين الفينة والأخرى مساعدات مادية لا تتجاوز 2000 درهم، وانقطع منذ مدة طويلة”.
ويتحدى هذا الزوج من يتهمه أن يظهر أي حوالات أخرى تثبت أن زوجته تلقت أي مبلغ كبير من ألمانيا كما يدعون، وبما أنه كان على علم بكل هذا لماذا لم يأتوا لتحقيق معه هو أيضا؟ بل يقول هو أرسل رسالة من داخل السجن عندما اعتقلت زوجته يريد مقابلة رئيس البسيج أو الوكيل العام للملك حتى يستفسر عن أسباب اعتقال زوجته، لكن لم يستجب لطلبه إلى الآن!
واستغرب أبو القاصر المعتقلة من مدينة زاكورة من التهم الموجهة لابنته، وقال أين هي هذه العبوة الناسفة التي كانت تنوي ابنتي تفجيرها بعد أربعة أيام من اعتقالها؟ كان من المفترض أن يصور إعلام القنوات الرسمية الذي كان حاضرا وقت الاعتقال العبوة الناسفة، بدلا من تصوير السانوج وهاتف نقال ومصباح صغير محترق. مضيفا أن ما أخذ مع ابتي من البيت هو هاتفها، وحاسوب البيت، ومصباح محترق أتى به أخوها الصغير من كراجي لإصلاح السيارات، وقليل من السانوج الموجود في غالب البيوت، ودرهم من الكبريت تستعمله أختها لأمراض جلدية، وقليل من الدوليو تستعمله أمها من أجل الحناء، وقليل من الفحم المدقوق تستعمله لتبيض أسنانها، وهو الذي يخصها من هذه المواد كلها.
والناظر في هذه التهم الموجهة للمعتقلات يخطر في باله عدة تساؤلات:
كيف يتهم هذا المسؤول الأمني زوج إحداهن ولم يتم التحقيق معه ولا الاستماع له؟
وكيف تصنع قاصر عبوة ناسفة من تلك المواد التي توجد في أي منزل؟
وتهمة مضحكة لتلميذة صغيرة عمرها 15 سنة كانت تنوي قطع رأسي تلميذين بسبب انتقادهما ل”داعش”. وكيف اجتمعت جميع الفتيات في أحد البيوت وهن يقطن بمدن مختلفة وغالبهن قاصرات؟
كيف سيسافرن دون علم آباءهن؟ وأولياؤهن يؤكدون أنهم كانوا يراقبون بناتهم ولا يمكن أن يكن سافرن دون علمهم، وأسئلة أخرى تنقدح في ذهن المتابع والقارئ لهذا الكلام.
وأخيرا يصرح هذا المسؤول الكبير والرفيع المستوى داخل المكتب المركزي للأبحاث القضائية والمأذون له، أنه حين تم القبض عليهن دافعن عن أنفسهن بالقول أنهن لا يفهمن أن رغبتهن للانضمام إلى تلك الدول (سوريا والعراق) هي ضد القانون!!!
هل هن كن يردن أن ينفجرن؟! أم يردن الالتحاق بتلك الدول؟! أم ماذا بالضبط؟!
الله أعلم.
عبد الله الحمزاوي/ ناشط حقوقي