بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الودود ذو العرش المجيد ، ذو الركن الشديد ، الفعال لما يريد ، والصلاة والسلام على رسول الله الوافي بالعهود صاحب المقام المحمود القائل صلى الله عليه و سلم : ” اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام ، يقول الله : وعزتي وجلالي لأنصرنّك و لو بعد حين ” ، والقائل كذلك عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم : فكوا العاني ، و أطعموا الجائع ، وعودوا المريض . ” العاني : أي الأسير .
وبعد ، أيها المسلمون ، نحن اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين نقف اليوم بعدد من المدن و أمام عدد من المساجد لنؤكد على أننا على العهد ماضون و في الطريق سائرون ، ولنداء نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم مستجيبون ، لا نقيل ولا نستقيل حتى يطلق سراح إخواننا المظلومين ويرفع عنهم الضيم والهضم الذي طالهم منذ سنوات عديدة .
أيها المسلمون ، نحدثكم اليوم عن معاناة إخواننا المعتقلين الإسلاميين الذين أوشكوا على إتمام عقدين من الزمن وهم يئنون تحت وطأة الأغلال و قسوة الجلاد في السجون المغربية حيث سحقت آدميتهم و أهدرت كرامتهم وتم الإجهاز فيها على أبسط حقوقهم .
بل و الأدهى و الأمرّ من ذلك أن هؤلاء المعتقلين سجنوا ظلما وعدوانا بموجب محاضر جاهزة و مطبوخة في الكواليس وموقعة تحت الإكراه و التّعذيب في الدهاليز المظلمة للمخافر السرية .
أيها المسلمون ، إن هؤلاء المعتقلين الإسلاميين و عائلاتهم على مرّ هذه السنوات خاضوا احتجاجات تلو الأخرى ليسمعوا العالم صوتهم ، وليبلغوهم رسالتهم متشبثين ببراءتهم من التهم المنسوبة إليهم مؤكدين على مظلوميتهم و عدالة قضيتهم ، وقد كان أهمّ احتجاج لهؤلاء : الاعتصام المفتوح الذي خاضوه داخل السجون بتاريخ 17 مارس 2011 و قد ساندتهم عائلاتهم وعدد من المعتقلين الإسلاميين السابقين بتنظيم اعتصام مفتوح آخر أمام السجن المحلي بسلا ، وقد انتهى الاحتجاج باتفاق 25 مارس مارس 2011 الذي تم بين ممثلين عن الدولة المغربية وممثلين عن المعتقلين الإسلاميين بشهادة حقوقيين ، وقد اعترفت الدولة بموجبه بمظلومية المعتقلين الإسلاميين ، ووعدت بإطلاق سراحهم على دفعات وفي آجال معقولة ، وفي انتظار ذلك يتم تمكينهم من كافة حقوقهم السجنية .
لكن يبدو أنه لم تكن هناك إرادة حقيقية وجادة لحلّ هذا الملف ، وكان الاتفاق مجرد مناورة لإسكات الاحتجاجات المتصاعدة آنذاك ، لذلك تم الالتفاف على الاتفاق تحت دعاوى باطلة وبمبررات واهية .
وبدلا عن ذلك تم إحداث برامج أخرى عن طريقها تتملص الدولة من مسؤوليتها المباشرة على الانتهاكات و الخروقات التي طالت المعتقلين الإسلاميين طيلة هذه السنوات سواء على مستوى التحقيق ، أو المحاكمات ، أو على مستوى السجون : بدءا من التعذيب النفسي والجسدي من صعق بالكهرباء وتعليق واغتصاب وغير ذلك … مرورا بالإكراه على التوقيع على المحاضر ، و انتهاء بالإهمال الطبي ، فكان نتيجة كل ذلك إما عاهات أصابت المعتقلين الإسلاميين أو أمراضا مزمنة أرهقت أجسادهم ، بل وصل الأمر ببعضهم إلى أن أزهقت روحه كمول الصباط والميلودي زكرياء و أمين وأقلعي وغيرهم … رحمهم الله جميعا .
وللتغطية على كل هذا تم استحداث برامج كحلول للملف ، وهي حلول غير منصفة وغير عادلة ، كبرنامج “مصالحة ” الذي أطلقته المندوبية العامة للسجون في جو مشحون يشوبه التناقض ، فهي جعلت جدران السجن تضيق على ساكنيها بإجراءات تعسفية ضاعفت معاناة المعتقلين و حشرتهم في الزاوية ، كالنموذج الأمريكي ، و منع القفة وتقليص مدة الزيارة والفسحة لدقائق معدودة و غير ذلك … و في ذات الوقت أطلقت كما قلنا هذا البرنامج الذي حول الضحية إلى مذنب عليه الاعتراف والتوبة والاعتذار ، وجعل من الجلاد صاحب حق .
لذلك نحن هنا اليوم لنؤكد على رفضنا لأنصاف الحلول متشبثين باتفاق 25 مارس 2011 مطالبين بتفعيله ، مؤكدين في ذات الوقت على أننا سنظل رافعين صوتنا ضد الظلم الذي تعرض له معتقلينا بدون كلل ولا ملل ، حتى إطلاق سراحهم ورفع الحيف عنهم و إنهاء معاناتهم هم وعائلاتهم ، وما ضاع حق وراءه طالب ، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .
والسلام عليكم ورحمة الله .
المكتب التنفيذي
للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
بتاريخ : 18 رجب 1441 الموافق ل 13 مارس 2020