النفاق الدولي بين القضية الأوكرانية و قضايا المسلمين إلى أين؟!


الحمد لله و الصلاة والسلام على خير خلق الله محمد و على آله و صحبه

أما بعد

يعيش العالم أجمع أحداث الحرب الروسية الأوكرانية بكل تجلياتها بحيث لا يمكن إغفال الهالة الإعلامية الغربية في التأثير بشكل أو بآخر على الرأي العام تحت شعار إنقاذ أوكرانيا و شعبها ، ليس لسُموّ سلوكهم و لا رقي سياساتهم و لا حتى وجود منظومة أخلاقية تحكمهم لكنها حقيقة الغرب و الأمريكان في التعاطي مع القضايا و حقيقة الديمقراطيات الزائفة و المبدأ الإنساني المتجزأ.

الإعلام المزيف يتألم تارة و يصيح تارة و يندفع صوتا و صورة،
أياما معدودة كانت كافية ليفرض العالم عقوبات شديدة و الخوض في إجراءات حثيثة لشل حركة الروس.

إلا أن هذه الحرب سمحت لمفردات كانت مستهجنة في القاموس السياسي أصبحت َمتاحة بكل أريحية و ثقة و سمحت لآليات ظلت معطلة في حالة قضايا الإسلام والمسلمين، و ظهر بذلك الوجه الحقيقي للغرب العنصري و سقط القناع و أوضح الغزو ازدواجية معايير شتى.

قارن كما شئت بين المفاهيم و قايس بين الموازين و تمعن في المكاييل.

الغرب الذي يصيح عبر آلته الإعلامية من أجل الأكران و اللاجئين و القانون الدولي و حقوق الإنسان هو من ساهم في احتلال فلسطين و المسجد الأقصى و تجاهل َمعاناة الشعب الفلسطيني لعشرات السنين حيث اغتصاب الأرض و العرض و انتهاك الأعراف و القيم فقط لأنهم مسلمون.

الغرب بقيادة الناتو هو نفسه من تواطأ لإبادة مسلمي البوسنة و كان الكروات و الصرب آلة الدمار و القتل و الاغتصاب و التشريد حيث شهدت سربيرتشا وحدها إبادة 8372 مسلم دون اعتبار للون بشرتهم و عيونهم فقط لأنهم مسلمون .

الغرب بقيادة أمريكا نفسه الذي غزا أفغانستان و العراق و حدث و لا حرج عن التقتيل و التشريد و استباحة الأعراض و نهب الخيرات فقط لأنها بلاد إسلام.

الغرب نفسه من تجاهل التدخل الروسي في بلاد الشام حيث الخراب بأكمل صوره بالغازات السامة و البراميل المتفجرة وثّقته الصور و تناقلته وسائل التواصل و رآه و سمعه القاصي و الداني و لا من يحرك ساكنا فقط لأنهم مسلمون عزل.

مسلمو الهند و حرب التطهير العرقي و الإبادة الموثقة لم نجد لها ردة فعل و لا التفاتة فقط لأنهم مسلمون.

جميع دول الغرب أشادت بالمقاومة الأوكرانية و أكد على مشروعيتها نفس العالم، و الإعلام يصف بالارهاب َمقاومي الاحتلال في فلسطين و أفغانستان و العراق و سوريا فقط لأنها بلاد إسلام.

تفتح الأبواب على مصراعيها للقتال في أوكرانيا و يدعى لذلك جهارا و يعتبر ذلك مثالا للبنل و الشهامة! و تنقلب الصورة في حالة هب المسلمون غضبة لدمهم المهراق و شرفهم المراق و تصبح الشهامة إرهابا و تطرفا وتسن القوانين المحاصرِة و تفتح السجون و المعتقلات مثل باݣرام و ݣونتانامو و أبو غريب.

لجوء و نزوح العربان يقابل بالتنكر و الطرد و الرفض، و حالة البؤس التي يعيشها النازحون تدعو للأسف و الأسى و ليست كنزوح الأوكران تكريسا للعنصرية و الإزدواجية.

لم تستثني أخلاقيات النفاق عالم الرياضة حيث التعاطف و التفاعل الممنوع مع قضايا الإسلام والمسلمين بحجة خلط الرياضة بالسياسة، و يصبح سمة أساسية و جزء من الطقوس الرياضية في الحالة الأوكرانية.

رسوم الكاريكاتير في حق الإسلام و مقدساته حرية تعبير مكفولة بالقوانين لكن مع الحرب الأكرانية جريمة تنشط لأجلها الدبلوماسية و يستدعى السفراء و تقطع العلاقات.

أمثلة كثيرة للكيل بمكاييل و تناقضات هائلة بات يعلمها الجميع لا يتسع المجال لبسطها لكنها في النهاية تؤكد أننا في عالم لا يرى إلا بمنظار المصالح و ما دام أن الإسلام و المسلمين و أراضيهم مستثناة من كل حق كما يقال في المثل :

حرام على بلابلنا الدوح…. حلال للطير من كل جنس.

بات معلوم بالضرورة أن المجتمع الدولي و مؤسساته و القوانين الدولية و حقوق الإنسان ما هي إلا آليات لضمان بقائهم جاثمين على صدر الأمة الإسلامية يذلون أحرارها و يقتلون أبطالها و يسلبون خيراتها و يستبيحون كل شيء فيها.

الخلاصة أنه ما لم تتشابه القناعات فلن تتعاطف الضمائر و لن تتحرك الجوارح، نخطها و نحن نستشعر حجم الخذلان الذي تعيشه قضايا الإسلام و أراضيه.

فمتى يكون المسلمون حكاما و محكومين و مؤسسات و قوانين منسجمون مع مبادئهم و قناعاتهم منتصرون لقضاياهم بادلون لأجلها ماء الحياة دون ماء المحيا.

متي يُنتصر للأرض و العرض و يفك قيد الشرفاء من أبناء الأمة و علمائها و تُشفى صدور قوم مؤمنين.

َوالله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون.

المكتب التنفيذي

للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين

بتاريخ: 12 رمضان 1443 الموافق ل 14-04-2022

 

شارك هاذا المقال !

لا توجد تعليقات

أضف تعليق