بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ناصر الحق و الصلاة والسلام على نبي الصدق يكسب المعدوم و يحمل الكل و يعين على نوائب الدهر ونحن لذلك مقتفين.
اما بعد :
في الذكرى 19 لأحداث 16 ماي 2003 بالدارالبيضاء تعيد اللجنة المشتركة إحياءها بسرد مراحلها في ظل سعي حثيث لتغيير معالمها و طمس حقائقها.
الأحداث التي حصل الإجماع على إدانتها لكن تحميل المسؤولية لفئة بعينها كان مجانبا للحقيقة و الإجراءات المرافقة كان مبالغا فيها حدّ خلق مأساة أشد و أعمق و أطول من الأحداث نفسها (قضية المعتقلين الإسلاميين)
1 : مناخ ما قبل الأحداث كان استثناء بحيث لا يمكن إغفال العلاقة بين أحداث 11 من سبتمبر و محاربة الإرهاب و سن قوانينه على مستوى العالم.
في المغرب تم تقديم مشروع قانون ضد الإرهاب دون تعميم و دون نقاش حقيقي عرف معارضة وصلت حد تأسيس شبكة وطنية لمناهضة تبني القانون.
مناخ ما بعد الأحداث كان شديد الخصومة و تم تبني قانون الإرهاب دون النظر الى التوصيات و التخوفات ، كان القانون و توابعه مؤثرا في مجريات ما بعد 16 ماي.
2 : انحرافات الأجهزة الأمنية كانت واضحة و ظهر معها انحيازها عن مهامها بتوقيف الآلاف على أساس الشبهة و الانتماء الجغرافي أو على أساس الظاهر، عمليات الإختطاف و الاعتقال و الاحتفاظ القسري رغم إنكارها إلا أن لها عدة شواهد تثبتها و حكايات الأسر و اللجان الحقوقية شاهدة و موثقة حول وجود مراكز خاصة لذلك، عمليات الإستنطاق في مراكز الإعتقال السري في خرق لمجمل المبادئ حيث العنف و سوء المعاملة و التعذيب باستمرار أما السب و الشتم و التجريد من الثياب أمور عادية حدث بها و لاحرج ، يتم السوق إلى التحقيق بعيون معصوبة و أيدي مكبلة مع وابل من اللكمات و الصفع و الركل و الإهانة و الحرق بأعقاب السجائر مع غياب النوم ، التعليق طيلة ساعات التحقيق و التعذيب، أما الإمضاء على المحاضر فيكون تحت التهديد بالإغتصاب الذي ممكن أن يطال أفرادا من الأسرة و كان هذا أشد ما يكون أثرا على المعتقل، يليه التعذيب الجسدي بالكهرباء و الخنق بخرق مبللة، هذه إجراءات التحقيق في مخافر الإختفاء القسري تتم لأيام إن لم نقل لشهور و الغالب أن هذا سبب لحالات الوفاة المشبوهة في هذه المرحلة ( مول الصباط و ابو النيت و حسن الدرداري كمثال) .
3 : الطور القضائي وسير المحاكمات الذي تميز بصعوبة جرد شامل و دقيق لعدد المتابعين منذ 16 ماي لكن يبقى خرق الحق في المحاكمة العادلة هو السمة الرئيسية للمحاكمات بأكملها.
نستغرب السرعة المفرطة في التحقيق و المحاكمة و يبدو أن الضغط على القضاء و القضاة جعلهم يتصرفون بسخاء مع التشريع المغربي ضد شريحة لا حول لها و لا قوة، ظروف التحقيق استثنائية و إجراءات فاقدة لأدنى شروط العدالة و بالتالي فالجلسات الماراطونية لم تسمح بأريحية المحاكمات و لا تشخيص المسؤوليات و من المؤسف التنصيص أن جميع اعتراضات الدفاع المتعلقة بالتجاوزات الحاصلة تم رفضها جملة و تفصيلا كما لم يسمح بأي معاينة طبية للتدليل على سوء المعاملة و حصول التعذيب و كان سخاء القضاء كارثة بكل المقاييس في حق المعتقلين و عائلاتهم .
ظروف الإحتجاز : تدهور عام في ظروف الإحتجاز تبعا لحالة التوتر التي عاشتها البلاد بشكل عام و إدارة السجون بشكل خاص هذه الأخيرة كان عليها تحمل جميع ما سبق و ختم المعاناة بسلسة من الإنتهاكات لضمان الصمت المرحلي على الظلم الذي مورس في حق المعتقلين الإسلاميين و عائلاتهم ، داخل المؤسسات السجنية تتمة لما مورس داخل مراكز التحقيق حيث جربت جميع الأساليب الحاطة للكرامة و هضم للحقوق و المكتسبات في مد وجزر بين نضالات المعتقلين و عائلاتهم و إدارة السجون و جلاديها.
مراحل قضية المعتقلين الإسلاميين َمليئة بإرهاب المؤسسات و تطرف الأشخاص و نذالتهم ولن يطالها التقادم و لن يلحقها النسيان و سيناريو الأحداث لن ينسى و لا يمكن بحال من الأحوال تزييفه أو تزويره و السؤال المطروح ألا يليق أن تكون القضية و المأساة المصاحبة لها مادة دسمة لعمل فني متجرد أو سبق صحفي صادق يخرجها من أرشيف المظالم إلى علانية الحقيقة و العدل.
و الواقع انه ليس للمؤسسات استقلالية و ليس للفن و الصحافة ذمة و لا كرامة و لا عهد و لا مجد شغلهم اجترار الأفكار و اتباع السدنة بضمائر ميتة و مبادئ مبتذلة و همهم الاسترزاق على حساب مآسي الآخرين في استهداف لمعالم الدين و توابثه و استهزاء بمظاهره و ربطها بكل نقيصة .
ختاما و في غياب من يتبنى قضية المعتقلين الإسلاميين بالسجون المغربية و يفضح الإرهاب الذي مورس عليهم في قوالب شتى فاللجنة المشتركة ماضية في التشهير بها و إبراز خصوصيتها تصيغها بيانات و شعارات و تخرجها وقفات و ندوات، شعارها المصداقية و مطالبها الإفراج الفوري و اللامشروط و فتح تحقيق نزيه و شفاف و إلغاء قانون مكافحة “الإرهاب” و جبر الضرر المادي و المعنوي و تقديم كل من تبث تورطه في هذه المآسي للمحاسبة.
و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون
المكتب التنفيذي
للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
بتاريخ : 15 شوال 1443 الموافق ل 16-05-2022