بسم الله الرحمن الرحيم
لقد تناهى إلى مسامع العالم منذ أزيد من عشرين سنة ما عاناه و يعانيه إخواننا المعتقلون الإسلاميون في مختلف السجون الظالم أهلها من جور و حيف و ما يكابدونه من إهانات و تعسف و إهمال و لا مبالاة منذ الحادي عشر من شتنبر 2001 أي منذ اصطفاف المغرب و عدد من الدول في صف أمريكا و زبانيتها في حربها على الإرهاب المزعوم، حيث دشنت مرحلة جديدة من صراع الحق و الباطل في التاريخ الإسلامي سمتها في المغرب اعتقالات و اختطافات عشوائية لآلاف الشباب السائر في طريق الإلتزام بتعاليم دينه، تلتها محاكمات مارطونية انعدمت فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة، استندت إلى محاضر وقعت تحت الإكراه و التهديد، و هكذا استمر الحال طيلة عقدين و نيف عاش فيها هؤلاء الأبرياء ما لا يخطر على بال من ظلم وقهر وتشريد و إعتداء وإهانة للمقدسات ومصادرة للحقوق وهدر للكرامة البشرية ، و عاشت عائلاتهم بالمقابل كل أصناف الازدراء و التهميش و الحرمان و التضيق و الاستفزاز.
و لا زالت جروح الأمة تتفاقم على مستوى ملفات الأسرى، فنساء و أطفال و شباب و كهول محتجزون و معتقلون و مختطفون في مختلف بقاع المعمور من بينها سوريا يتعرضون لشتى أنواع التعذيب و التنكيل… لم تحرك من أجلهم الحكومة و الدولة المغربية أي آلية ديبلوماسية لاسترجاعهم لبلدهم شأنهم شأن الشاب الذي تلبس بأزيد مما تلبسوا به و أعيد سالما محفوظ الكرامة فقط نظرا للتباين العقدي المحرك للطرفين.
كل ما تقدم يتم على مرأى ومسمع من العالم الذي يحيي من كل سنة اليوم العالمي لحقوق الانسان في العاشر من دجنبر في تسويق فاضح لأكذوبة لا وجود لها على أرض الواقع، لا في الدول التي تعد نفسها متقدمة أو الدول المسماة متخلفة.
فالمتمعن لحقوق الإنسان في أوروبا وأمريكا و غيرها يجدها عبارة عن تضليل، فالكيل بمكاييل شتى و العنصرية الفجة التي تمارسها الأنظمة الأوروبية والأمريكية والصهيونية و أتباعهم تكشف حقيقة إدعاء حقوق الانسان.
فحقوق الإنسان عندهم، حقوق نهب ثروات الشعوب، وإثارة الحروب، وشن العدوان على البلدان والأمم المستضعفة و على رأسها أمة الإسلام.
حقوق الإنسان عندهم، حقوق للحياة المادية البحته التي ينزع نحوها النظام العالمي ويكشر أنيابه لفرضها فرضا على شعوب العالم.
حقوقهم ترنو لتهوين تعاليم الإسلام في قلوب معتنقيه.
حقوقهم تدعو لنكس الفطر السوية، بالدعوة للتطبيع مع شذوذ الرجال و النساء و التجريد من الأخلاق.
حقوقهم تشتت الأسر، مدمرة نواتها بالإجهاز على عفة المرأة و حيائها.
حقوقهم تدعو للارتداد عن شعائر الدين و القيم النبيلة جملة، بتغيير المفاهيم السوية رويدا رويدا.
حقوقهم تدفع قوى الإستكبار العالمي و أذنابهم لتحارب على جميع المستويات بالإعتقالات و التضييق و الشيطنة، كل من وفقه الله لكشف حقيقة الصراع القائم للحيلولة دون إيقاظ الأمة الإسلامية من غفلتها.
حقوق الإنسان عندهم، حقوق تسير بالعالم نحو الهاوية.
إن تحرير العالم من غطرسة دول الإستكبار العالمي والصهيونية و كشف مخططاتهم هو الأولى بالإهتمام، و تحصين الأمة الإسلامية لا يكون إلا بربطها بدينها و تعاليمه و شعائره.
فالإنسان و منه المسلم الذي يحتفى بحقوقه يحتاج في مختلف المناطق الإسلامية المنكوبة الى حق الحياة بعد أن طحنته آلة الحروب والقتل بأفتك الأسلحة و القنابل المصنعة في الدول المتشدقة بحقوق الإنسان، و يحتاج لحق الإعتقاد بعدما حوصر بالشيطنة و غل بالتضييق و أثقل بأحكام بلغت حد الإعدام بسبب قناعات لا تخرج عن قناعات المذاهب الأربعة المجمع عليها من طرف الأمة الإسلامية، و يحتاج إلى العدالة المغيبة و العيش بكرامة.
إن الانتهاكات التي يمارسها الغرب و من يدور في فلكه في حربه على الإسلام تناقض مع مايروج من شعارات حقوقية دعائية جوفاء، فالغرب المنبهر به سفهاء العقول و الأحلام، ارتكب أبشع الجرائم والمجازر التي تسقط أمامها ادعاءات حقوق الإنسان عموما، والأطفال والنساء خصوصا الذين حصدتهم قنابل العدوان ومزقت أشلاءهم.
إنها مفارقة كبيرة أن يصمت العالم أمام مايجري، فاليوم العالمي هذا أكذوبة لا تنطلي على ذي عقل! من أجل ذلك ندعو في اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين الأمة الإسلامية عموما و المغربية خصوصا إلى نبذ هذه المفاهيم الدخيلة على ديننا و محاربتها و تحذير النشأ منها و تربية الأسر على الحقوق التي أنزلها رب البشر و تسفيه حقوق زبالة البشر لتحصين جيل المستقبل و إعادته إلى مساره الصحيح، كما ندعو القائمين على شأن هذا البلد إلى التصفية النهائية لملف المعتقلين الإسلاميين داخل و خارج المغرب بإطلاق سراح القابعين بالسجون المغربية و استرجاع جميع المغاربة المعتقلين و المحتجزين و المختطفين في جميع أنحاء العالم و على رأسهم النساء و الأطفال و الكهول و المرضى.
و الله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
المكتب التنفيذي
للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
عضو مجلس إدارة الرابطة العالمية للحقوق و الحريات
15 جمادى الأولى 1444 الموافق ل 10-12-2022