بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين القائل سبحانه في كتابه العزيز : ” وعنت الوجوه للحي القيوم و قد خاب من حمل ظلما ” والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد بن عبد الله القائل عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم :
” (اتَّقِ دعوةَ المظلوم؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجاب ” .
و بعد فإنه لمن المؤسف و المحزن أن نسمع بين الفينة و الأخرى عن حالات ” انتحار ” في صفوف سجناء الحق العام عموما و المعتقلين الإسلاميين خصوصا، وسط صمت إعلامي و تجاهل حكومي مقصود! ففقدان أحد المعتقلين لحياته بين جدران السجن لا يستحق إلا بضعة أسطر باهتة في بعض المنابر الإعلامية !
أفلا يستدعي موت الناس داخل السجون لفتح تحقيق مستقل و نزيه للبحث في الملابسات ، و الدوافع ، و الظروف التي أدت لذلك ؟ هذا إن سلمنا أنه كان ” انتحارا ” كما يدعون.
ألا يستدعي ذلك مساءلة القائمين عن الشأن السجني بالبلد ؟
ألا يستدعي ذلك ضرورة إعداد تقرير في الموضوع و إيجاد حلول لذلك ؟
فهل الذين ماتوا عندما فقدوا حريتهم -بحق أو بغير حق-فقدوا عندكم حق معاملتهم كبشر و حماية حقهم في الحياة؟
إن الظروف المعيشية و الحقوقية المزرية التي يعيشها المعتقلون الإسلاميون داخل السجون خاصة بعد تطبيق التصنيف الذي يعتمده ” النموذج الأمريكي ” و الذي تحت غطائه تصادر آدمية المعتقلين و تهضم حقوقهم، و الذي من تجلياته التي يعاني تحت وطأتها المعتقلون الإسلاميون : التجويع و التضييق و التعسف ، والإهانة و الإبعاد عن العائلات ، و كذا عزلهم عن العالم الخارجي ، و ذلك بتقليل وقت الفسحة و الزيارة و مكالمة الهاتف لدقائق معدودة أسبوعيا ، و الكثير الكثير مما لا يسعنا ذكره هنا ، كل هذا شكل ضغطا هائلا عليهم ، فهم بين المطرقة و السندان ، بين ظروفهم السجنية المزرية و بعدهم عن عائلاتهم و أولادهم من جهة ، و بين مضاضة الظلم الذي سلط عليهم بغير وجه حق، فقد سجنوا ظلما ، و حوكموا جورا بسنين عديدة ، دخلوا شبابا وصاروا كهولا و شيوخا ، و ما أحمد النكاوي و عبد الهادي الذهبي و إبراهيم فردوس و غيرهم كثير ممن يعانون خلف الأسوار لأكثر من عقدين عنا ببعيد وسط تجاهل لقضيتهم من طرف المسؤولين و عدم إيجاد حل منصف لها.
إننا في اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين لا ننسى ضحايا الظلم و الجبروت الذين قضوا في السجون بغير حق، فلائحة الذين ادعت مندوبين السجون أنهم ” انتحروا ” طالت و نحن لا نسلم لها بذلك لأنه و لسنوات لم يجر أي تحقيق نزيه و أعلنت نتائجه بوضوح في وفاة من الوفيات .
و لا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر المسؤولين أن ما يتعرض له المعتقلون الإسلاميون مظلمة عظيمة يرتكبونها منذ عقدين ولا زالوا مستمرين فيها ، و لا يبدو أنهم ينوون تصحيح الوضع و إرجاع الحقوق لأصحابها ، لذلك نذكرهم بأن هؤلاء المعتقلين سواء الذين ماتوا داخل السجون أو الذين لا زالوا يئنون تحت الأصفاد ، لديهم أبناء و أمهات و زوجات يرفعون أكفهم للسماء طالبين الإنصاف من الجور الذي لحقهم .
فبماذا ستبررون هذا الظلم لربكم غدا ؟؟؟
ألا تعلمون أن بعض أمهات المعتقلين قد و ضعن خصومتهن معكم لدى محكمة السماء و قد فارقن الحياة وهن حاملات لمظلمتهن ماضين إلى خالقهم تشكين إليه .
فيا أيها الظالم :
لا تَظلِمَنَّ إِذا ما كُنتَ مُقتَدِراً
فَالظُلمُ مَرتَعُهُ يُفضي إِلى النَدَمِ
تَنامُ عَينُكَ وَالمَظلومُ مُنتَبِهٌ
يَدعو عَلَيكَ وَعَينُ اللَهِ لَم تَنَمِ
و ختاما فإننا في اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين نطالب بحل قضية المعتقلين الإسلاميين حلا نهائيا وذلك بإطلاق سراحهم و إنهاء معاناتهم هم و عائلاتهم و جبر ضررهم ، وذلك باعتماد اتفاق 25 مارس 2011 الذي ارتضته آنذاك جميع الأطراف كأرضية لحل شامل، و في انتظار ذلك نطالب بتمكينهم من حقوقهم السجنية و رفع الضغوطات عنهم .
والله من وراء القصد و هو يهدي السبيل .
و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
وبه وجب الإعلام والسلام .
المكتب التنفيذي للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
بتاريخ : 13 شعبان 1444 الموافق ل05-03-2023