بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: {كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون}
قبل 68 سنة و بالضبط يوم 10 دجنبر 1948 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تصدر ما أطلق عليه “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” و الذي اعتبر أول إعلان إنساني عالمي، تم تقديمه من طرف “إليانور روزفلت” سيدة أمريكا الأولى و رئيسة لجنة حقوق الإنسان حينها بالعبارة التالية : ” نقف اليوم أمام حدث عظيم في تاريخ العالم وتاريخ الجنس البشري.. ألا وهو موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
و قد احتوى هذا الإعلان على 30 مادة شملت حسب الأمم المتحدة الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية التي يجب أن يتمتع بها البشر، و كان من أهم هذه المواد ما مفاده أن :
- كل إنسان حر ويجب أن نُعامَل جميعاً بالطريقة نفسها.
- جميع الناس متساوون بغض النظر عن الفوارق في لون بشرتهم أو جنسهم أو دينهم أو لغتهم أو ما شابه ذلك.
- لكل شخص الحق في الحياة وفي أن يعيش بحرية وأمان
- لا يجوز لأحد إيذاؤك أو تعذيبك.
- لكل شخص الحق في طلب المساعدة القانونية عندما تُنتهك حقوقه.
- ليس من حق أحد سجنك ظلماً أو طردك من بلدك.
- لكل شخص الحق في محاكمة علنية عادلة.
- كل شخص برئ حتى تثبت إدانته.
- لكل شخص الحق في المشاركة في الاجتماعات، وفي الانضمام إلى الجمعيات بصورة سلمية.
- لكل شخص الحق في المساهمة في المشاركة في إدارة شؤون بلاده .
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بدأ حسب أصحابه بفكرة إنسانية جميلة ثم بجهود حثيثة ليسطر مبادئ وصفت بالإنسانية و منذ ذلك الحين و المجتمع الدولي في ذكرى يوم الإعلان يحتفل، و الأمم المتحدة تنظم العديد من التظاهرات و الندوات و اللقاءات الحقوقية ، والمعارض الثقافية المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان، وتوزع الجوائز الحقوقية.
لكن كثيراً ما تعصف المصالح بالمبادئ، لا سيما إذا كانت المبادئ شعارات مزوقة وأماني كاذبة، فالناظر لواقع حال صنف من بني الإنسان يدعى المسلمون منذ تاريخ الإعلان إلى اليوم نجد أن أمريكا راعية حقوق الإنسان و التي بذلت مجهودات حثيثة في إصداره قامت في تحد صارخ لبنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ب :
- سنة 1986 : مهاجمة مدينتي طرابلس وبنغازي الليبيتين بالطائرات و الصواريخ الأمريكية.
- سنة 1990 : إنزال عسكري هائل للقوات الأميركية في “السعودية” لتنفيذ مخطط السيطرة على الجزيرة العربية وبلاد الخليج بحجة غزو العراق للكويت.
- سنة 1991 : 527 ألف جندي أكثرهم من القوات الأمريكية ألقوا آلاف الأطنان من المتفجرات والمواد المشعة على المسلمين العراقيين، مما تسبب في مقتل الآلاف وتشويه مئات الآلاف.
- من سنة 1990 إلى سنة 2003 : حاصر المجتمع الدولي بقيادة أمريكا الشعب العراقي حصارا خانقا بلغ درجة منع الغذاء و الدواء مما أدى إلى وفاة أزيد من مليون طفل عراقي مسلم نتيجة الجوع و نقص الدواء الحاد.
- من سنة 1992 إلى 1994 : تدخل أميركا في الصومال ب 28 ألف جندي لترتكب هذه القوات مجازر وحشية ضد المسلمين الصوماليين، ومنها شوي الأحياء على النار.
- سنة 1998 : قصف أميركا لمناطق في أفغانستان ولمنشآت طبية في السودان، حيث أسفر القصف عن مقتل أكثر من 200 مسلم.
- من سنة 1991 إلى 2003 : قصف أمريكي بريطاني مستمر لمواقع ومنشآت عراقية فيما سمي بمنطقتي الحظر في شمال العراق وجنوبه، وفرض حصار ظالم على أهل العراق، مما ترتب عليه مقتل وإصابة ما يقارب مليون عراقي مسلم.
- من سنة 2001 إلى اليوم : عمليات عسكرية ضد أفغانستان حيث ألقت أمريكا على أفغانستان الكثير من القنابل الفتاكة، مما ترتب عليه مقتل وإصابة مئات الآلاف من المسلمين.
- من سنة 2001 إلى 2014 : احتجزت أمريكا آلاف المسلمين الأفغان و العرب و عرضتهم للتعذيب و التنكيل بسجن باغرام بكابول بأفغانستان.
- من سنة 2001 إلى 2007 : أرسلت أمريكا عدد من المعتقلين المسلمين إلى عدد من الدول العربية حيث تعرضوا للتعذيب.
- من سنة 2002 إلى الآن : احتجزت أمريكا و سجنت و عذبت المئات من المسلمين المختطفين من مختلف أنحاء العالم بسجن غوانتانامو بخليج كوبا على مرأى و مسمع من العالم.
- من سنة 2003 إلى اليوم : شن الحرب الظالمة على العراق من طرف تحالف أميركي بريطاني قتل خلالها عشرات الآلاف من المسلمين .
- منذ سنة 2004 إلى الآن : احتجزت أمريكا و عذبت الآلاف من المسلمين السنة بسجن أبو غريب ببغداد بالعراق و بعد فضحها إعلاميا بتسريب صور للتعذيب سلمت زمام البطش و التنكيل و التعذيب بالسجن المذكور لأذنابها من الروافض الحاقدين.
- منذ سنة 2014 إلى اليوم : قصف أمريكي روسي غربي مستمر للمسلمين في سوريا مما ترتب عليه مقتل و إصابة عشرات الآلاف من المسلمين.
و ما زال مسلسل جرائم أمريكا مستمرا فمنذ سنة 2001 وهي تعتقل و تعذب و تلزم جميع الدول باعتقال عشرات الآلاف من المسلمين في جميع أنحاء العالم في إطار ما أطلق عليه “محاربة الإرهاب” مغفلة في الوقت ذاته :
- الإرهاب الصهيوني في حق المسلمين من شعب فلسطين الذي يرزح تحت احتلال اليهود منذ سنة 1948.
- الإرهاب الهندوسي الذي يمارس في حق مسلمي كشمير.
- الإرهاب البوذي في حق مسلمي بورما.
- الإرهاب الروسي في حق المسلمين الشيشان يين و السوريين.
- إرهاب فرعون مصر السيسي في حق طائفة من مسلمي مصر
- الإرهاب الفرنسي للمسلمين بمالي و ليبيا.
- إرهاب المجرم حفتر في حق مسلمي ليبيا.
- إرهاب بشار النصيري و الروافض في حق مسلمي العراق و سوريا.
فالتباكي على حقوق الإنسان، واحترام إرادة المجتمع الدولي، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة، و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان… كل ذلك ذهب أدراج الرياح، وبات من الواضح أنه لا احترام لذلك كله إذا تعلق الأمر بالمسلمين، فالإرهاب المتمثل في التقتيل و التشريد و الاضطهاد و الاعتقال الذي يتعرض له المسلمون في العالم يوميا يكشف زيف و حقيقة الشعارات و المبادئ التي طالما تبجحت بها أمريكا و المجتمع الدولي و زعموا أنهم يريدون نشرها.
فأمريكا -و من يدور في فلكها- في الوقت الذي تملأ فيه الدنيا ضجيجاً لما تسميه بـ “انتهاكات حقوق الإنسان في بعض البلدان، نجدها – إذا ما كان الأمر يتعلق بالمسلمين – تدوس بالنعال كل ما تعارف عليه المجتمع الدولي من اتفاقيات، وما وقعت هي عليه من معاهدات.
إن المسلمين في وضع مأساوي حقاً فبالإضافة لما سبق هناك، طمس للهوية، وإذلال للكرامة، وامتصاص للخيرات، ومسخ مرعب لا يراد منه تغيير خارطة العالم الإسلامي فحسب، وإنما هو تغيير شامل ديني سياسي اجتماعي ثقافي .
و عليه تدعو اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين الأمة الإسلامية في مشارق الأرض و مغاربها إلى اليقظة و أن تعي جيداً المخطط الصهيو-صليبي الذي يستهدفها و يستهدف دينها و أراضيها و خيراتها، وتحول بكل وسيلة متاحة و مشروعة ضد استمراره، وأن ترفض الإصغاء للأبواق التي تبرره أياً كان مصدرها.
“و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”
و به تم الإعلام والسلام.
المكتب التنفيذي
للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
06-12-2016