توصلت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين بكلمة من المعتقل السياسي السابق زكرياء بوغرارة في حق المعتقل الإسلامي السابق محمد كيوي رحمه الله هذا نصها:
من مدينة الراشدية حيث مسقط رأسه.. انتقل الى مدينة فاس بحثا عن حياة افضل كان من قدره أن تطاله الحملة الواسعة للاعتقالات التي طالت الألوف من المغاربة عقب الأحداث الأليمة بمدينة الدار البيضاء مكث في السجون عشرة سنوات قضاها في تلك المعتقلات التي دخلها صحيحا معافى شابا نظرا وخرج منها شيخا وخط الشيب لحيته يجر رجليه الواهنتين ومعه حزمة من الامراض المزمنة وقد اصيب في السجن بمرض السكري ونقل لاكثر من مرة الى المستشفى في حالة غيبوبة..و لما خرج تعاقبت عليه المحن مع استعصاء المرض على العلاج الى ان فقد قدميه معا ليصبح مقعدا يتحرك على {{كرسي متنقل}}
عرفت هذا الاخ في كل السجون التي مررنا بها سوية اخا طيبا محبا للخير متسامحا لأبعد حدود صلبا في الحق .. فكيها ظريفا خفيف الظل .. آتاه الله حسن الجواب لكل سؤال اجوبة مسكتة حكيمة.. كان كادحا حتى في سجنه وسنواته المديدة فيه لم يكن يركن للدعة ولا للفتور… لم يفارقه البلاء لحظة واحدة ..كان معي في سجن سلا 1ثم رحلنا معا الى السجن المركزي القنيطرة ومنه الى سجن بوركايز بفاس ثم لما أرتآى جلاوزة السجون تصنيفنا لمتشددين و متراجعين كان معنا في الترحيل الاسود الذي جمعنا في السجن المركزي مرة اخرى ثم عدنا معا الى سجن فاس بعد ان زالت المحنة ثم خرجت من العتمات بعد عشر سنوات لاتركه بعدي بضعة اشهر ليعانق الحرية المنقوصة المغموسة بالوجع.. انتقل رحمه الله من محنة إلى أخرى صابرا محتسبا أجره على الله ترافقه ابتسامته الطيبة ورضاه بالقدر خيره .. وشره .. الى ان تناهى لي اليوم خبر وفاته… في مأساة موجعة
آلمني اليوم ان اسمع عن رحيله غريبا مغموسا في المعاناة والوجع بعد ان شرب من كأس الخذلان كل ألوانه… فهاض الأسى جنحي
ومن ّأليم الوجع ان انتهى به المطاف على كرسيه المتنقل يمد يد السؤال للناس وهو الذي كان يمملؤ ردهات السجن بضحكاته الساخرة … ما عرفته يوما مد يده لأحد بسؤال…
لكنها السنوات الخداعات…
يمد يد المذلة بسؤال الورى وهو الذي صودر ماله وبددت تجارته بعيد اعتقاله… فلله دره وعلى الله اجره
وجدت فيك ايها الراحل بعض اوجاعنا ومعاناتنا وظلال نفس المصير التي تلقي علينا ببعض شواظها ولظاها…. فالى الله المشتكى.. واني اشهد الله اني كنت احبه في الله لطيبة اصيلة في اهل الصحراء..
رحلت ايها الطيب وقد انتهى بك المشوار ورحلة الوجع والشقاء وحيدا في بيتك الذي انتقلت له الشرطة هذه المرة لا لاعتقالك انما لحمل الجثة المنكل بها إلى مستودع الأموات بمستشفى الغساني{{ ظهر المهراز}} ثم الى القبر الذي ستثوي فيه…
لازلت اذكرك وانت تطرق باب زنزانتي كل صباح تطلب مني كتاب تفسير ابن سيرين وكم كانت لك من الرؤى. العجيبة .. لعل احداها قد كانت تأويل رؤياك…..
رحمك الله تعالى.. اسعفتني في رحلة الوجع هذه الكلمات القليلة في تأبينك.. وهي حق علينا لسابق الصحبة السجونية والاخوة في الله…
انا لله وانا اليه راجعون…
لله ما اعطى ولله ما اخد والله المستعان
زكرياء بوغرارة
كاتب إسلامي
معتقل سياسي سابق
وجدة في 10 فبراير2018