توصلت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين بنداء من ابنة المعتقل الإسلامي رشيد الغريبي العروسي المرحل تعسفيا في ظل تفشي جائحة كورونا من سجن عين السبع عكاشة بالدار البيضاء إلى سجن تولال 2 بمكناس، وقد خطتها من فراش المرض قبيل علمها بترحيل والدها تعسفيا هذا نصها :
بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين
أما بعد:
أنا ابنة المعتقل الإسلامي رشيد الغريبي العروسي أود من رسالتي هته أن أختصر المعانات التي نمر منها أنا و أفراد عائلتي إثر اعتقال والدنا ظلما وعدوانا ودون موجب حق بدأت قصة آلامنا يوم 2/6/2003 كان سني حينها 5 سنوات وهو السن الذي يكون الطفل فيه بحاجة إلى حنان و رعاية من الأب لكن للأسف حرمت من هذا الدفء رغم سعي والدتي حفظها الله إلى ملئ الفراغ الذي تركه أبي في حياتنا لكن لابد من الإحساس بالنقص خاصة أن علاقتي مع أبي لم تكن مجرد علاقة أب مع ابنته بل وأكثر من ذلك فهو خير صديق ورفيق لي في هذه الحياة ورغم تباعد المسافات بيننا إلا أنه ظل دائما يزرع في قلبي الحب و الأمل فهو القدوة الوحيدة لي في هته الدنيا ونبراسي الذي يضيء طريقي علمني كيف أصمد أمام أمواج البحر الهائجة أعطاني و لم يزل يعطيني بلا حدود،ورغم المحن أجده دائما معي في ضيقي و في فرحي يوافقني في رأي حتى لو كنت على خطأ فهو معلمي ينصحني ويأخذ بيدي إذا تعثرت.
أنا الآن ابنة 22 سنة كل هذه السنين حرمت فيها من وجود أبي بقربي دون أي ذنب فكانت كل لحظة أذهب فيها إلى المدرسة و أرى الأطفال مع آباءهم أو تجتمع العائلة فأرى كل فرد منها ينادي أبي أبي و يرتمي في حضنه أتألم فيها ويصرخ في داخلي حنين الشوق و اللهفة إلى أبي وأحس أني فاقدة للجدار الذي أستند إليه وأتمنى و لو لحظة أن أتمتع بالسعادة التي تغمرهم.
أبي الذي تركني طفلة سيفرج عنه لا محالة في يوم من الأيام ليجدني أما لطفلة حرمت هي الأخرى من دفء جدها، لا شك أن كل بنت تحلم بوجود الأب بجانبها ليلة زفافها و يوم وضعها لمولودها لكن هذا ما فقدته بل و أكثر من ذلك شاءت الأقدار أن ابتلاني الله بمرض السرطان « hodgkin » و الذي كان كالصاعقة على قلبي فما بال أبي الذي لم يكن له حول و لا قوة يوم أدرك الخبرحينها كان أبي بسجن تولال 2 بمكناس وكان قد مر على رؤيتي له حينها عام بالتمام و الكمال فلم أتمكن من زيارته مذ كنت حاملا في شهري الثالث نظرا لبعد المسافة فأنا أقطن في الدار البيضاء و كان من العسير علي التنقل لرؤيته بالإضافة إلى أن ظروف الزيارة كانت يرثى لها فلم يردني أن أذهب و أتمحن في تلك الأوضاع. أنجبت طفلتي و كنت في أشد اللهفة لأن أرى مولودتي بين يدي جدها لكن الأقدار شاءت دون ذلك ظللت على تلك الحال أتألم و يزداد شوقي يوما بعد يوم خاصة أني أرى صغيرتي تكبر و أبي لم يتمكن بعد من رؤيتها و هي رضيعة، بعدها جاء اليوم الموعود و الذي أنساني ما مضى يوم أجريت العديد من التحاليل لأجد نفسي من ضحايا مرض صعب ينهش جسمي، مرض السرطان طغيت حينها على هته الدنيا الظالمة التي اغتصبتني في ريعان شبابي لكن الله ألهمني بعدها الصبر و الرضا بقضاء الله، أكثر شيء افتقدته في ذلك اليوم هو وجود أبي لأسند رأسي على كتفه و أجهش بالبكاء حتى يشفى غليلي، لكن رغم بعد المسافة و رغم ما يمر به هو إلا أنه ظل يساندني و يصبرني و يبين لي الأمور وكأنها لا شيء و أن كل شيء سيكون على ما يرام، كنت أنتظر بفارغ الصبر الساعة التي يرن فيها هاتفي لأجد المخاطب هو أبي فيسمعني بضع كلمات أرتاح بها من الألم الذي أعيشه.
بعد أشهر من بدأ الإجراءات اللازمة لتتبع علاجي تم نقل أبي إلى سجن عكاشة بالدار البيضاء و ذلك يوم 19/11/2019 أخيرا رأيت قرة عيني بعد فراق طويل مر علي بشق الأنفس لكن لم يرق جفني برؤيتهي فقد زرته لبضع أسابيع ثم لم أتمكن بعد من الذهاب إليه نظرا لأن حصص علاجي كانت تتزامن مع موعد الزيارة فكنت أتحسر لهذا الأمر.
ظللت على تلك الحال لمدة شهرين أخضع للعلاج وأحاول اغتنام و لو فرصة لأذهب لرؤية أبي لكن شاءت الأقدار أن فرق بيننا شيء لم يكن على بال ألا و هو ما استجد في العالم اليوم من فيروس كورونا كوفيد19 و الذي داهم كل البقاع و أصيب به أعداد كثيرة من الناس ومات بسببه خلق كثيرون و لازال يتوسع في البلدان أكثر وقد أصابنا منه هلع شديد و حصل لنا به فزع عريض و خوفنا على آباءنا الآن أكثر من خوفنا على أنفسنا فنحن كيفما كان الحال نحاول الإلتزام بالإجراءات اللازمة لحماية أنفسنا، كذلك المعتقلين أليس من حق كل فرد منهم أن يكون بين أهله و في بيته ليكون أكثر أمانا خصوصا أن من التدابير الوقائية لهذا المرض هو حظر التجمع فكيف حال هؤلاء المعتقلين أليسوا في قائمة المواطنين الذين تسعى الدولة جاهدة إلى حمايتهم ،أليس من حقنا كأبناء الخوف على آباءنا، فأنا أطالب المسؤولين و الدولة باللإفراج الفوري عن أبي أولا لأن اعتقاله و الحكم عليه 20 سنة حكما نافذا كان ظلما و عدوانا، وثانيا لأن أوضاع الدولة الآن لا تحمد عقباها فيكفي أنني يتمت 17 سنة لا أريد أكثر من ذلك.
ابنة المعتقل الإسلامي
رشيد الغريبي العروسي
و به تم الإعلام و السلام
المكتب التنفيذي
للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
بتاريخ: 21 رمضان 1441 الموافق ل 15-05-2020