بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا يليق بجلال وجهه و عظيم سلطانه و الصلاة و السلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله و بعد،
تمثل الأسرة المسلمة لبنة أساسية في المجتمع الإسلامي و حصنه وقلعته، ومنذ أن اكتشف الغرب أنه لا يمكن أن يخترق الأمة الإسلامية أو يدمرها بالوسائل العسكرية سعى إلى تغيير وسائله فعزز المواجهة العسكرية بالغزو الفكري و المقاربة الأمنية وكانت أهم أدواته في ذلك إنشاء شرذمة متغربة من بني جلدتنا تتبنى قيم الغرب نمطا للحياة بديلا عن النمط الإسلامي، وقد استطاعت هذه الشرذمة التغلغل في مراكز صناعة القرار و استخدمت بشكل خبيث الإعلام والثقافة و حقوق الإنسان حيث صارت معول هدم في أيدي أعداء الأمة الإسلامية لتفسد التدين و الأخلاق وتفكك المجتمع و تسوغ التبعية للأفكار و القيم الغربية باسم التقدم و التحضر.
إن حقوق الإنسان ومنها حرية التعبير والرأي مقيد بالخصوصية الإسلامية فلا يؤخذ على إطلاقه بالمفهوم الغربي ، فالمسلم مصدره التشريعي لذلك قرآنه الكريم، وليس هوى الإنسان الغربي الذي تنصل من القيم الإنسانية والفطرة السليمة وأعطى لحقوق الإنسان تفسيرا ينحصر في الغربي! و لا أدل على ذلك من أن بعض مواد الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان التي تبنتها الامم المتحدة منذ عقود وثيقة متحيزة، استجابت فقط لرغبات وشهوات الإنسان الغربي، وتبنت تفسيرا لـحقوق الإنسان الذي ينظر إلى الإنسان باعتباره مخلوقاً نفعياً، مبلغ همه في الدنيا تحقيق أقصى درجات « اللذة والاستمتاع » ! !
وهذا ما بينه وأكد عليه مدخل البيان العالمي عن حقوق الإنسان في الإسلام والذي اعتمد من قبل المجلس الإسلامي بتاريخ 21 من ذي القعدة 1401هـ، الموافق 19 أيلول/سبتمبر 1981م.
ومما حذر منه المولى جل في علاه، حب إشاعة الفاحشة في المجتمع المسلم فقال سبحانه : ” إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون” الآية ، والمقصود بشيوع الفاحشة هو فشو خبرها وإشهارها -و الفاحشة هي كل فعلة تبلغ مبلغا من الشناعة بمنظور إسلامي- ولما كان المؤمن لا يتم إيمانه إلا إذا أحب للمؤمنين ما يحبه لنفسه فإنه إن أحب شيوع الفاحشة فيهم نقض إيمانه، وإشاعة الفاحشة مفسدة أخلاقية تجعل الخواطر تذكرها و تصرف تفكير الناس نحوها، و قد يوقعهم فيها تطبيعهم معها بسماعها وتناقلها فيما بينهم .
إن الحياة في الإسلام تصان بحفظ الكليات الخمس : الدين ، النفس ، العقل ، النسل و المال، و قد صان الله عز و جل هذه الكليات بحدود مبسوطة في مذهب الإمام مالك وغيره.
إن ما تبثه وسائل الإعلام بمختلف أشكالها و منها قنوات القطب العمومي من مسلسلات هابطة خليعة ساقطة دنيئة منحطة و غيرها من البرامج التخريبية في رمضان و غيره، ما هي إلا حلقة في سلسلة كبيرة يراد بها تدمير الأمة الإسلامية من خلال تخريب أخلاق و تدين الأسرة، بغية إنتاج جيل خانع يساق فينساق، لا يفرق بين حق و لاباطل، و لا حلال و لاحرام، جيل إلهه هواه لا تهزه استباحة أرض و لا هتك عرض و لا إراقة دم محرم من طرف أعداء دعوة محمد صلى الله عليه وسلم.
لقد توعد الله عز وجل محبي شيوع الفاحشة في المؤمنين بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة مهما كانت طبيعة الوسائل المستخدمة لتحقيق هذا الغرض أكانت بتشريع قوانين أو نشاط حقوقي أو إصدارات إعلامية بشتى أشكالها… وإن المتعاطفين مع مسوقي الفواحش المنظرين للرذيلة تحت ذرائع حقوق الإنسان وحرية الإعلام و التعبير و الرأي و الفن يشملهم الوعيد الإلهي، و هذه الذرائع مردودة على أصحابها فطرة و شرعا لأن الله عز وجل حرم المجاهرة بالفاحشة ، ولا يقبل من مصور الفاحشة تبريره بأنه إنما ينقل ما يوجد في الواقع حتى على مستوى العبرة و التصحيح، ذلك أن تصحيح الفاحشة لا يكون بإشاعتها إعلاميا! ولا يقبل من ممثل التهتك من قبيل الرقص الماجن مع العري و مشاركة الفراش بين الرجال و النساء و تبادل العناق و القبل بل و الجنس و كذا شرب الخمر و التدخين و غيره، التذرع بذريعة ممارسة الفن و محاكاة الواقع!
و من المؤسف أن لا يسمع ركز للجهات و المؤسسات المسؤولة عن حفظ بيضة الإسلام بالمغرب على اختلافها في فرض احترام دين الدولة الرسمي المنصوص عليه دستوريا، و القاضي بمنع إشاعة الفاحشة في بلد يدين به مواطنوه، و لا إنفاذ شعيرة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لزجر هذه الشرذمة و تسييج تدين و أخلاق الأسرة اللبنة الأساسية للأمة الإسلامية، و عليه تناشد اللجنة المستركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين جميع المسلمين و على رأسهم علماؤها و دعاتها و مثقفيها و مصلحيها بأن يهبوا كل من موقعه لنصرة الدين وذلك بنفض غبار شبهات العلمانيين و الملاحدة و كشف مخططات أعداء الملة عموما و التحذير منها.
و الله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
المكتب التنفيذي
للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
بتاريخ : 28 رمضان 1443 الموافق ل 30-04-2022