الحمد لله رب العالمين و العاقبة للمتقين و لا عدوان إلا على الظالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين و على آله و صحبه و التابعين، اما بعد :
يقول المولى عز وجل ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ﴾ [الإسراء: 34]
تنظم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين في عدة مساجد بعدد من المدن هذه الوقفات الموحدة على بعد أيام قلائل من ذكرى 25 من مارس 2011 للتذكير بالإتفاق المشهود :
فإذا كانت الأحداث في اعتقادكم طواها الزمن، نقول اسألوا التاريخ و اسألوا ذاكرة معتقلينا فقد نقشت فيها بمداد الظلم و المعاناة.
و إذا كانت الجراح في اعتقادكم قد دملت، نقول بل لازالت حية مادام معتقلونا خلف القضبان و ما دامت قضيتهم مغيبة.
فقد خلفت أحداث 16 ماي 2003 مآسي شهد لها القاصي و الداني و أقر بها الموافق و المخالف، مست أبناء الصحوة الإسلامية، عنوانها التشويه و التلفيق و الاختطاف و التعذيب، و انتهت بمهازل أطلق عليها محاكمات كانت فاقدة لأدنى شروط العدالة ليختم المشهد بأحكام خيالية بلغت حد الإعدامات و المؤبدات وسط صمت مريب للجميع و تحت سياط ما يسمى بقانون مكافحة “الإرهاب” الجائر.
هب المعتقلون الإسلاميون و عائلاتهم لتغيير هذا الواقع المرير و الخروج من هول الصدمة بشتى أشكال النضال المشروع، انتهت بعد مد و جزر بالتوقيع على اتفاق 25 مارس 2011.
اتفاق فيه اعتراف ضمني بعدالة القضية و براءة المعتقلين الإسلاميين، و فيه وعد صريح بإطلاق السراح، و قد تم آنذاك بين ممثلين عن الدولة في شخص كل من :
الكاتب العام لوزارة العدل محمد لديدي.
المندوب العام لإدارة السجون حفيظ بنهاشم.
الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان محمد الصبار.
و ممثلين عن المعتقلين الإسلاميين في شخص كل من نور الدين نفيعة و محمد الشطبي و هشام معاش.
بحضور و شهادة ممثلين عن الجانب الحقوقي المستقل متمثل في منتدى الكرامة لحقوق الإنسان في شخص كل من رئيسه مصطفى الرميد و مديره التنفيذي محمد حقيقي.
كان من أهم بنود الاتفاق مراجعة الملفات القابلة للمراجعة و التي استنفذت كل وسائل الطعون، و معالجة القضايا العالقة معالجة عادلة في أقرب الآجال، و تفعيل مسطرة العفو، بالإضافة إلى تمتيع المعتقلين بكافة حقوقهم السجنية إلى حين الإفراج عنهم.
لكن غياب الإرادة الحقيقية لحل الملف حلا شاملا، جعلت من الاتفاق وسيلة لتنفيس الاحتقان و تهدئة الأوضاع و كسر إرادة المعتقلين فحسب، حيث افتعلت أحداث و اتخذت ذريعة للنكوص على الاتفاق و التنصل من بنوده، و العود بالقضية إلى مربع الصفر بمزيد من الانتهاكات و سلب الحريات.
مضت ثمان سنوات على الاتفاق و لازال الملف يراوح مكانه بل تمت الشرعنة لانتهاكات باسم النموذج الأمريكي، و تم الالتفاف على القضية بالمصالحات الزائفة، الهدف الحقيقي منها كسر عزائم المعتقلين و تذويب خصوصية الملف و محو آثار اتفاق 25 من مارس 2011.
لكن تبقى ذكراه محطة من محطات القضية العادلة و النضال المشروع و الصراع بين الحقيقة و الخيانة، و بين العهود و نقضها، ننيخ عندها مطايانا لنجدد العهد بقضيتنا و معتقلينا مبرهنين من خلالها أننا على العهد ماضون و ببنود الاتفاق متمسكون، و بأننا لن نخذلهم و لن نسلمهم حتى يفتح الله بيننا و بين من ظلمنا بالحق.
(و الله غالب على أمره و لكن اكثر الناس لا يعلمون)
المكتب التنفيذي
للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
بتاريخ: 15-03-2019