ظروف احتجاز مهينة تعانيها سجينات المغرب


الرباط ــ وصال الشيخ

19 يناير 2016

تعاني 1519 سجينة مغربيّة أوضاعاً مزرية في أمكنة احتجازهنّ، لا تتوافق مع الاتفاقيات الدولية لحقوق السجناء. هذا ما يكشفه تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي، سلط الضوء على التمييز الذي تعيشه السجينات بالمقارنة مع فئة الذكور السجناء، لجهة الخدمات الصحية والقانونية المتوافرة داخل السجون.

ويفيد التقرير أن أكثر من 25% من السجينات المغربيات هنّ من الشابات اللواتي تقلّ أعمارهنّ عن 25 عاماً، فيما تشكّل الفئة العمرية 25 – 40 عاماً نسبة 45.62% من مجموع السجينات، ولا تتجاوز النساء اللواتي تخطينَ 60 عاماً نسبة 3% مع 44 سجينة فقط. إلى ذلك، تُحتجز 127 فتاة دون العشرين، أكثرهن في سجون الدار البيضاء.

والتقرير الذي أعدّ في الفترة الممتدة من أغسطس/ آب 2014 ولغاية الشهر نفسه من عام 2015، يأتي تحت عنوان “حقوق السجينات بين المعايير الدولية وظروف الاحتجاز – التقرير الخاص بأوضاع وحقوق المؤسسات السجنية في المغرب”. يذكر أن في أثناء إعداد التقرير، كانت نسبة السجينات تسجّل 2.46% من مجموع السجناء، بينما فاقت في سجون الدار البيضاء لوحدها 28%.

يُظهر التقرير أن السجينات في أكثريتهن يعانين من مشاكل عديدة ترتبط بالصحة البدنية والعقلية والأمراض المزمنة، وهي تتفاقم نتيجة ظروف الإقامة التي تفتقر إلى المقومات السليمة. في السجون، نقص كبير في خدمات العلاج المقدّمة للسجينات والطواقم الطبية والبرامج الصحية، وانعدام للرعاية الصحية والإنجابية والجنسية، بالإضافة إلى إهمال الفحوص الطبية، وهو ما يوجد صعوبة لدى السجينات في الحصول على الأدوية أو الوصول إلى خدمات أخرى.

من جهة أخرى، تعاني السجينات من انتهاك حقهنّ في الاتصال مع العالم الخارجي، إذ يُحرمن في أكثريتهن من الزيارة بفعل تخلي العائلة عنهنّ، كعقاب اجتماعي يستند إلى الوصم الذي يلحق بنساء ارتكبن جرائم يعاقب عليها القانون. أما بالنسبة إلى السجينات الأمهات، فهنّ يعانين من حرمانهنّ من زيارة أبنائهنّ الصغار بسبب العراقيل الاجتماعية المتعلقة بالنظرة المجتمعية تجاه السجينة، إلى جانب العراقيل القانونية التي لا تخصص ترتيبات استثنائية لتمكين الأطفال من زيارة أمهاتهم في السجون. أيضاً، تغييب برامج تشجيع الأهالي على زيارتهنّ. إلى ذلك، تُقصى السجينات، أيضاً، من الحياة العامة، من خلال حرمانهنّ من الاطلاع على أخبار العالم وكل ما يتصل بالعالم الخارجي.

إلى ذلك، تتعرض السجينات إلى عنف تتعدّد أشكاله ما بين نفسي وجسدي وجنسي، يرتكبه في حقهن موظفو وموظفات السجون. ويتمثل في سوء المعاملة والابتزاز والتحرش والتخويف والتهديد، في ظل تغاضى الإدارات عن هذه الممارسات. ويعيد التقرير ذلك إلى “نظام عدالة لا يراعي خصوصياتهنّ وأوضاعهنّ”، وبناء عليه لا تحظى السجينات بالدعم النفسي والاستشارة القانونية والمساعدة القضائية، ابتداءً من مراحل التحقيق وانتهاءً إلى فترة الحكم، باستثناء بعض الحالات النادرة. ويسلط التقرير الضوء، أيضاً، على ظروف الاحتجاز، ويصفها بالمزرية. الزنازين صغيرة تفتقر إلى الإضاءة والتهوية، وتنعدم فيها وسائل التدفئة والتبريد، ولا تحترم فيها قاعدة الفصل بين السجينات القاصرات والبالغات ولا بين السجينات الاحتياطيات والمدانات بأحكام، ولا بين المريضات والمدمنات والمسنّات.

على صعيد التدريب والتعليم، يبيّن التقرير أن نسبة الأميّة تنتشر بشكل لافت بين السجينات. أكثر من 600 سجينة، لم يسبق لهنّ دخول المدرسة، وهنّ يشكلن نحو 40% من مجموع السجينات، بينما 5% فقط بلغن المستوى الجامعي. ويبرز التقرير الاختلالات التي تتعلق بحق السجينات في ممارسة الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية التي من شأنها أن تساعد في محاربة الأمية، فالإدارات لا تخصّص لهنّ مرافق لممارسة هذا النوع من الأنشطة، بينما توفّر مرافق ثقافية مثل المكتبات للسجناء الذكور. وبالطبع، لا تستطيع السجينات الاستفادة منها، بموجب مبدأ الفصل بين أقسام السجن. وفي تنميط واضح، تفتح الإدارات مجال التدريب للنساء، في الخياطة والنسيج وخدمة الفنادق، بينما يستفيد الذكور من خيارات متنوعة مثل النجارة والإلكترونيات وغيرها.

ويأتي تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان في سياق تعزيز وتطوير الجهود التي بُذلت في مجال رصد واقع مؤسسات السجون في المغرب، والمساهمة في إعمال توصيات المجلس المتضمنة في تقريره الصادر 2012 تحت عنوان “أزمة السجون، مسؤولية مشتركة”، والتشديد على ضرورة إعداد تقارير حول الفئات الهشة، لا سيما النساء داخل السجون. ويوصي بإطلاق مبادرات تهتم بجمع البيانات عن النساء السجينات وتحليلها ونشرها، بالإضافة إلى تشجيع المبادرات المدنية وخلق شراكات مع مؤسسات البحث والجامعات من أجل إنجاز دراسات حول العدالة الجنائية وأنظمة السجون من منظور اجتماعي. ولعلّ أهمّها مواضيع العقوبات والأحكام القضائية في حق السجينات، والأطفال المرافقين لأمهاتهم في السجون، وأوضاع الفئات الأكثر عرضة للمخاطر والانتهاكات داخل السجون، وإنجاز تقييمات دورية لسياسات السجون وفق مقاربة حقوق الإنسان والنوع الاجتماعي.

المصدر:  http://goo.gl/gHXkD3

شارك هاذا المقال !

لا توجد تعليقات

أضف تعليق