في إطار السيّاسة التعسّفية التي تنهجها المندوبية العامة لإدارة السجون تجاه المعتقلين بشكل عام والمعتقلين الإسلاميين بشكل خاص وفي إطار الجهود التي تبذلها من أجل المزيد والمزيد من تضييق الخناق حولهم قامت بخطوة جديدة بهذا الصدد حيث أصدرت ما أسمتها ” بخطة لإصلاح سجون المملكة وفق النموذج الأمريكي ” والتي ورد فيها تصنيف السجناء و تقسيمهم إلى أنواع يُعامل كل صنف منهم حسب التهمة التي اعتقل من أجلها ، و هو إجراء عقابي بامتياز بعيد كل البعد عن كل روح للأنسنة و التهذيب التي ترفعها مندوبية السجون كشعارات بّراقة بل الأكثر من ذلك أن هذا الإجراء هو بمثابة عقوبة ثانية تنضاف لعقوبته الحبسية .
هذا التّصنيف يقسّم السجناء إلى ثلاث فئات والفئة الأولى «أ» التي وصفت بالخطيرة جدا تضم المعتقلين في إطار قانون ” الإرهاب ” والقتل العمد والتسميم و….. هذه الفئة لها حصّة الأسد من التّضييق ومصادرة الحقوق بموجب هذا القانون المزمع تطبيقه حيث جاء فيه أن هذه الفئة تفرض عليها إجراءات حراسة مشدّدة ولصيقة و عند خروجهم من الحي يصفّدون ويكونوا رفقة موظف أو أكثر حسب درجة الخطورة ، و الزيارة لا تتجاوز فردين من العائلة ولمدة 20 دقيقة ، الفسحة لمدة ساعة واحدة فقط في اليوم ، ولا يسمح لهم بالاختلاط مع باقي المعتقلين ، ويتم قطع التيار الكهربائي عنهم بداية من العاشرة ليلا ، ولا يسمح لهم بالعمل إلا في نظافة الحي الذي يتواجدون به .
وقد زعمت مندوبية السجون بأن هذا القانون من إنتاج ذاتي خالص، ولم يتم استيراده من أي نموذج أجنبي الأمر الذي تفنّده مجموعة من التصريحات الواردة في عدد من وسائل الإعلام على رأسها تصريح لنائب وزير الخارجية الأمريكي أثناء تأطيره يوما دراسيا إلى جانب المندوب العام للسجون التامك استعجل فيه تاريخ إطلاق مشروع أمريكي نموذجي و الذي بمقتضاه سيتم إلغاء التصنيف التقليدي المعتمد بالمغرب للسجناء .
والغريب في الأمر أنّ هذه القوانين حتى في أمريكا بذاتها هي مجرد إجراءات عقابية لنوعية خطيرة من السجناء لا يردعهم لا التشديد و لا التضييق لعدوانيتهم وعقليتهم المافياوية التي تهوى الفتك والقتل وهذا بعيد جدا عن عيّنة السجناء بالمغرب . كما أنها في أمريكا هي مجرد عقوبات عارضة وقابلة للتّخفيف إذا تحسّن سلوك السجين عكس ما يعتزمه المسؤولون المغاربة بجعله قانونا ثابتا يُصنّف السجناء على أساسه .
كذلك ادّعت مندوبية السّجون في تصريح لها بأن التصنيف بصيغته الجديدة ينطوي على أبعاد إنسانية وإدماجية وأمنية في نفس الوقت ، وأنّ هذا القانون يعمل على تحديد احتياجات المعتقلين وخصائصهم النفسية والاجتماعية ، كما أنها تسعى من خلاله إلى معاملة جميع السجناء على قدم المساواة ، وهذا كلّه ادّعاءات زائفة تُكذبها الأحداث والوقائع على الأرض .
حيث أنها في إطار تنفيذها لهذه القوانين قامت بالعديد من الإجراءات التعسّفية – لا علاقة لها لا بالبعد الإنساني ولا الإدماجي ولا مراعاة فيها لأدنى احتياجات المعتقلين و لا لخصائصهم النفسية و الاجتماعية – نجملها فيما يلي :
بسجن مول البركي بآسفي قامت الإدارة بعزل عدد من المعتقلين صنّفتهم بأنهم خطرين في أحياء خاصة وجعل مدّة زيارة أهاليهم لا تتجاوز 20 دقيقة مع حرمانهم من الفسحة ، كما عمدت إلى تحويل أحد الأجنحة وهو حي B5 إلى ممرّ يصفه السجناء بممر» الموت» يتم فيه التحفّظ على المعتقلين الذين يتجرؤون على خوض إضراب عن الطعام أو مراسلة المندوب عبر الصندوق الخاص بالشكايات أو من يرتكبون مخالفات بسيطة ، و يتمّ إيداع السجناء بزنزانة التّأديب دون العرض على طبيب المؤسسة أو لجنة التأديب . و نتيجة لكثافة التّرهيب والتّضييق هناك أضحت الحالة النفسية للمعتقلين تعرف تدهورا خطيرا .
كما تمّ إصدار مُذكرات من طرف مندوبية السجون تمنع إدخال الكثير من المواد الغذائية من الزيارة برغم نقص كمية التغذية السجنية ورداءة نوعها في نهج واضح لتجويع السجناء ، وكذا تقليص مدة الفسحة وذلك بكل سجن مول البركي بآسفي وسجن تولال 1 و 2 بمكناس وسجن تيفلت و سجون أخرى …و هذه الإجراءات تطبق بالسجون بشكل متفاوت .
مما تسبّب في موجة من الاحتجاجات سواء في صفوف الإسلاميين أو الحق العام من السجناء بعدد من هذه السّجون من إضرابات مفتوحة عن الطعام و جرح للأيدي و خياطة للأفواه .
وقد أوضح نبيل بوعتل الكاتب الجهوي لنقابة السجون بجهة مكناس في مقال له وهو من أهل الدار وكما يقول المثل أهل مكة أدرى بشعابها يقول فيه : ” إن القيام بإعادة التصنيف وفق السيناريو الأمريكي والإخراج المغربي هو أمر شبه مستحيل نظرا لضعف البنية التحية ، و كذا لضعف الطاقة الاستيعابية للمؤسسات حيث يصل الاكتظاظ إلى 300% أحيانا ، وكذا لقلة المعدات والتجهيزات اللوجستيكة … و هذا التصنيف سيجعل السجون المغربية تعيش أوضاعا خاصة إضافة إلى المشاكل التي تتخبط فيها وتحد من فعالية وظيفتها الإصلاحية ، مما يجعلنا نتساءل : ألم يكن الأجدر التعجيل بحلّ الإشكاليات القائمة عوض تبني سياسة التصنيف الجديد ؟ هنا يتكشّف الفرق بين التنظير داخل المكاتب المكيّفة وبين الواقع الصعب بالمؤسسات ” .
أمّا فيما يتعلّق بزعم المندوبية أنها تسعى من خلال هذا القانون إلى معاملة جميع السجناء على قدم المساواة فهذا ضحك على الدّقون و كذب صراح والدليل ما جاء عنها في بلاغ لها تقول فيه : ” بأنها قامت بتجميع معتقلي أكديم ازيك الصحراويين في حي واحد داخل المؤسسة ، وتعمل على منحهم تسهيلات إضافية فيما يخص زيارات ذويهم لهم وتلقي المؤن منهم ، بحجة أنهم من الأقاليم الصحراوية البعيدة عن مكان اعتقالهم”. وهنا السؤال الملح : ألا يندرج هؤلاء المعتقلون في الصنف ” أ ” بالنظر لتهمهم ؟؟؟ ثم لما يجمعون بحي خاص بهم وتمنح لهم تسهيلات إضافية وو….؟؟؟ و لما يمنع ذلك عن المعتقلين الإسلاميين في عدد من السجون ؟؟؟ برغم بُعد معظمهم عن سكن ذويهم و عند احتجاجهم تقول المندوبية بأن هؤلاء يريدون الامتيازات ونحن عندنا كل السجناء سواء !!!!!!
وبناء على كل ما سبق ندعو كل الحقوقيين والشرفاء وأصحاب الضمائر الحية من أجل التّكاثف لتحقيق العدالة و رفع الظلم والهضم عن المعتقلين الإسلاميين وإيقاف كل المخططات التي تستهدف آدميتهم و إنسانيتهم وتسحق كرامتهم .
كما نطالب في اللّجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين رئيس الحكومة بصفته المسؤول المباشر عن المندوبية العامة لإدارة السجون بإيقاف كل الإجراءات التعسفية التي يتم اتخاذها بحق المعتقلين الإسلاميين وتمكينهم من حقوقهم المشروعة في انتظار إطلاق سراحهم والله بالغ أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
و به وجب الإعلام والسلام
و به وجب الإعلام والسلام
المكتب التنفيذي للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
08 مارس 2016